CABINET Mohamed BRAHIMI , Avocat Bienvenue sur le site de Maitre Mohamed BRAHIMI, Avocat. Vous y trouverez un blog dédié à la pratique judiciaire et à la vulgarisation du droit

إشكالية قسمة و تجزئة الأراضي الفلاحية في دعاوى القضاء

Terre agricole 2

جهلا للتشريع الذي يحكم حماية و ترقية و استثمار  الأراضي الفلاحية  لا سيما الإجراءات المطبقة على الدعاوى الرامية إلى تجزئة أو قسمة  الأملاك المشاعة المشكلة من أراض أو مستثمرات فلاحية  فإن القاعدة  السارية سلفا بالنسبة للقضاة أو للمحامين هي أن هذا النوع من الأملاك العقارية  تخضع فيما يخص قسمتها  بين الشركاء في الشيوع أو تجزئتها   إلى القانون العام أي إلى أحكام القانون المدني في مواده من 722 إلى 742. إلى وقت قريب  فإن الجهات القضائية كانت تفصل في هذا النواع من الدعاوى عن طريق تعيين خبير عقاري تسند له مهمة اقتراح مشروع قسمة  بين الشركاء في الشيوع حتى و إن كان العقار محل النزاع ذو طابع فلاحي أو يشكل مستثمرة فلاحية.الشرط الوحيد الذي كانت تفرضه  الجهات القضائية من المتقاضي أو محاميه هو استظهار عقد ملكية العقار محل طلب القسمة أو التجزئة  أو إذا تعلق الأمر بتركة تقديم كذلك فريضة محينة.

كما هو الشأن في الدول الأخرى فإن العقار الفلاحي كان دوما  في الجزائر محل اهتمام خاص لاسيما فيما يخص المحافظة على طابعه الفلاحي و ضرورة استثماره .هذا الاهتمام يجد مبرراته بالخصوص في بلادنا  بالنظر إلى قلة هذا النوع من العقار القابل للاستغلال الفلاحي. العقار الفلاحي  مؤطر  و منظم أصلا في القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المتعلق بالتوجيه العقاري  و كذا في القانون  رقم 08-16 المؤرخ في 03 أوت 2008 المتضمن التوجيه العقاري ، و القانون رقم 10-03 المؤرخ في 15 أوت 2010 المحدد لشروط و كيفيات  استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة  ،  والقانون رقم 88-33 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 المتضمن قانون المالية لسنة 1989 ، و المرسوم التنفيذي رقم 97-490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997 المحدد  لشروط تجزئة الأراضي الفلاحية  و المرسوم التنفيذي رقم 96-87 المؤرخ في 24 فيفري 1996 المتضمن إنشاء الديوان الوطني للأراضي الفلاحية.

في المدة الأخيرة فإن بعض المتقاضين و محاميهم تفاجئوا بصدور أحكام من جهات قضائية رفضت دعواهم الرامية إلى قسمة تركة مشكلة من أراضي فلاحية  بحجة  أن القانون يضع بعض الشروط لقبول تجزئة العقار الفلاحي و أن هذه الشروط لم تكن متوفرة في ملفاتهم .هذا القضاء الذي يبدو أنه أصبح مستقرا كان مفاجئا لأنه لم يسبق للجهات القضائية أن رفضت هذا النوع من الدعاوى بسبب عدم قابليتها للتجزئة خاصة و أن بعض أحكام الرفض صدرت بعد أن أمرت نفس الجهات القضائية و في نفس النزاعات  خبراء لاقتراح مشروع قسمة و تجزئة .

لا شك أن الدعوى القضائية الرامية إلى طلب قسمة قضائية بين الشركاء لأرض فلاحية أو لمستثمرة فلاحية ، وخلافا  للعقارات الأخرى التي ليس لها هذا الطابع ، تخضع لبعض الشروط المتميزة  حتى تكون  مقبولة و مؤسسة. هذا النوع من الدعاوى يختلف مثلا عن الدعاوى التي يكون موضوعها قسمة قطعة  أرضية عمرانية أو قابلة للتعمير. بداعي حماية و حفاظ الطابع الفلاحي للأملاك العقارية عمومية كانت أم خاصة  و ضمان مواصلة الاستغلال الفلاحي،فإن المادة 55 من القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المعدل و المتمم  المتضمن التوجيه العقاري  ننص على أنه يجب ألا تلحق  المعاملات  العقارية  ضررا بقابلية الأراضي للاستثمار و لا تؤدي إلى تغيير  وجهتها الفلاحية  و ألا تتسبب في تكوين أراضي قد تتعارض بحجمها مع مقاييس التوجيه العقاري و برامجه. المادة 56 من نفس القانون تجازي بالبطلان  كل معاملة تقع خرقا للمادة 55. فيما يخص تجزئة الأراضي الفلاحية  بما فيها التجزئة  الواقعة بموجب حكم قضائي  فإن المرسوم التنفيذي  رقم 97-490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997 حدد شروط و قواعد هذه التجزئة.  

في  حالة رفع دعوى أمام جهة قضائية موضوعها  قسمة أرض فلاحية أو مستثمرة فلاحية  في الشيوع  ما يتطلب بالضرورة تجزئتها  فإن القاضي سيراقب مسبقا  ما إذا كان هذا العقار الفلاحي  يستجيب لأحكام المرسوم التنفيذي السالف الذكر و إلا قضى برفض الدعوى. و هذا الرفض يكون مبدئيا لعدم تأسيس الدعوى  اللهم إلا إذا تغيرت لاحقا طبيعة العقار  ففي هذه الحالة يجوز إعادة طرح النزاع مجددا دون إمكانية الاحتجاج بالحكم الأول و لذلك فإن بعض الجهات القضائية تفض بعدم قبول الدعوى بدلا من رفض الدعوى لعدم التأسيس. تطبيقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم  97-490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997  يجب أن تتم كل عملية تجزئة أرض فلاحية  في حدود مساحة المستثمرة الفلاحية  المرجعية. بموجب هذا المرسوم  تعتبر كمساحة مرجعية  المساحات المبينة في الجدول الآتي :

المساحة المرجعية بالهكتار

نظام المزروعات

الصيغ

نوع الأراضي

المناطق

1,5

4

7

خضر

خضر و زراعة أشجار

زراعة أشجار

1

2

3

مسقية

أ

+

الأراضي المسقية في

المناطق الأخرى

أ- ب-ج- د- م

8

 

7

10

خضر/ زراعات كبرى

زراعات كبرى/أعلاف

زراعات صناعية/زراعات كبرى

1

2

3

غير مسقية

20

زراعات كبرى/أعلاف

بقول جافة

1

غير مسقية

ب

18

زراعات كبرى/أعلاف بور

بقول جافة/زراعات كبرى بور

1

2

غير مسقية

ج

10

زراعات كبرى/خضر

1

غير مسقية

د

3

1

 

3,5

زراعات كبرى

زراعات النخيل المكثفة

زراعات النخيل/زراعات كبرى

1

2

3

مسقية

و

10

11

زراعات كبرى/أعلاف

زراعات الأشجار غير المسقية

1

2

غير مسقية

م

بمفهوم المادة 4 من القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990  فإن الأرض الفلاحية  أو ذات الوجهة الفلاحية  هي كل أرض تنتج بتدخل الإنسان  سنويا أو خلال عدة سنوات  إنتاجا يستهلكه  البشر أو الحيوان  أو يستهلك في الصناعة  استهلاكا مباشرا أو بعد تحويله. و أما المناطق المشار إليها في الجدول فلقد تم تحديديها بموجب المادة  4 من المرسوم التنفيذي رقم 97-490 و كذا بموجب المادة  81 من القانون رقم 88-33 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 المتضمن قانون المالية لسنة 1989  كما يلي :

- المنطقة أ.- تضم أراضي السهول الساحلية و المجاورة للسواحل  المستفيدة من كميات أمطار تفوق 600 مم .

- المنطقة ب.- تضم أراضي السهول المستفيدة من كميات أمطار تتراوح بين450 و 600 مم .

 - المنطقة ج.- تضم أراضي السهول المستفيدة من كميات أمطار  تتراوح بين 350 و 450 مم .

- المنطقة د.- تضم كافة الأراضي الفلاحية الأخرى المستفيدة من كميات أمطار  تقل عن 350 مم و كذا الواقعة منها بالجبال.

- المنطقة و.- تضم الأراضي الصحراوية  . تعتبر أرض صحراوية بمفهوم المادة 18 من القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990  الأرض التي تقع في منطقة تقل نسبة الأمطار فيها عن 100 مم.

المادة 81  من القانون  رقم 88-33 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 المتضمن قانون المالية لسنة 1989عرفت أراضي السهول على أنها الأراضي التي يقل منحدرها عن نسبة  إثنا عشر  و النصف في المائة .و أما المناطق الجبلية فتتشكل من كل الأراضي المتواجدة في بعض البلديات المحددة في  القائمة الملحقة بالمرسوم التنفيذي رقم 97-490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997 المحدد لشروط تجزئة الأراضي الفلاحية.،

هكذا  فتطبيقا للتشريع الساري فإن الدعوى القضائية الرامية  مثلا إلى قسمة أرض في الشيوع  مسقية و مخصصة لإنتاج الخضر  الواقعة في  سهل ذات مساحة 10 هكتارات  تكون مقبولة و مؤسسة  إذا كانت الحصة الراجعة لكل واحد من الشركاء في الشيوع    تساوي أو تزيد عن واحد و نصف هكتار . بالعكس إذا كانت هذه الحصة تقل عن هذه المساحة فإن الدعوى يكون مصريها الرفض.

هذا التشريع يلزم  لا فقط على القاضي و أطراف الدعوى  ، بل يفرض  كذلك  على الموثقين الذين يكونون  ملزمين    قبل تحرير أي وثيقة  لعملية تجزئة أرض فلاحية  أو تحويل ملكيتها  بمراقبة مطابقة هذه العملية للنصوص السالف ذكرها  و ذلك تحت طائلة  قيام مسؤوليتهم الشخصية . و احترام هذه النصوص يفرض كذلك على المحافظين العقاريين. هذه المسؤولية نصت عليها صراحة المادة 7 من المرسوم التنفيذي رقم 97-490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997.

ما هو مآل الأرض الفلاحية أو المستثمرة الفلاحية  في حالة ما استحال قسمتها أو تجزئتها ؟ هل يلزم الشركاء في الشيوع بالبقاء في الشياع إلى ما لانهاية رغم وجود خلاف بينهم؟ و ما هو موقف الجهة القضائية إذا  أصر الأطراف على الخروج من الشيوع و لو عن طريق بيع العقار المشاع بالمزاد العلني ؟ في الواقع فإنه يوجد فراغ قانوني في مجال المنازعات المتعلقة  بقسمة و تجزئة الأراضي الفلاحية.في التشريع المقارن فإن القانون البلجيكي المؤرخ في 29 أوت 1988 مثلا  أنشأ نظام " حق الاسترداد" الذي يمكن بموجبه لوارث في تركة تتمثل في مستثمرة فلاحية أن  يطلب تمليكه لهذه المستثمرة  الفلاحية مقابل دفعه تعويضا مناسبا  لباقي الورثة. نفس الشيء في التشريع الفرنسي  إذ أن المادة 831 و ما يليها من القانون المدني  نصت على  نظام " التخصيص التفضيلي"  الذي يسمح هو كذلك  لأحد الملاك في الشيوع  أن  يمتلك  المستثمرة الفلاحية المشاعة   مقابل  دفعه تعويضا لباقي الشركاء  يحدده القاضي ( أو الموثق في حالة القسمة الودية)  على ضوء تقرير تقويمي للعقار  يعده خبير.

لا  توجد نصوص مماثلة في التشريع الجزائري . فإذا اعتبر القاضي أن  شروط قسمة العقار الفلاحي أو تجزئته لا تتوفر في الدعوى فإنه يقتصر على رفض الدعوى أو عدم قبولها. لتفادي البقاء الجبري تحت نظام الشيوع  إذا ظهر أن العقار الفلاحي  المشاع لا يقبل القسمة أو التجزئة فإنه يمكن لأحد الشركاء في الشيوع  أن يقدم للجهة القضائية المطروح أمامها دعوى القسمة أو التجزئة  طلب احتياطي يتضمن بيع العقار بالمزاد العلني  طبقا لأحكام  المادة 722 من القانون المدني  و المواد 786 و ما يليها من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و هي المواد التي تحكم بيع العقارات المشاعة. في هذه الفرضية يجوز للجهة القضائية  الحكم ببيع العقار بالمزاد العلني و في هذه الحالة يجب عليها  طبعا السهر على أن البيع المأمور به  يحترم النصوص القانونية السالفة الذكر لاسيما يحترم مقتضيات المرسوم التنفيذي رقم 97- 490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997  . إذا وقع بيع عقار فلاحي أو قسمته أو تجزئته خرقا لهذه النصوص فإن القانون  يتضمن  آليات  تجعل من  هذه المعاملات معاملات باطلة بطلانا مطلقا و من جهة أخرى تجيز تدخل الدولة عن طريق  حق الشفعة أوكل إلى الديوان الوطني للأراضي الفلاحية المنشئ بموجب المرسوم التنفيذي رقم 96-87 المؤرخ في 24 فيفري 1996.

الأستاذ براهيمي محمد

محامي لدى مجلس قضاء البويرة

brahimimohamed54@gmail.com

 

 

Date de dernière mise à jour : 05/11/2021