أثناء مباشرة تنفيذ الأحكام القضائية كثيرا ما يواجه الطرف المحكوم له أو المحضر القضائي المكلف بالتنفيذ إشكالات عدة تعيق مواصلة التنفيذ و هذا الحاجز قد يصدر من المحكوم عليه الذي قد يحتج بوسيلة من الواقع أو من القانون أو قد يصدر من الغير.
حسب المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية : " في حالة وجود إشكال في تنفيذ أحد السندات التنفيذية المنصوص عليها في هذا القانون، يحرر المحضر القضائي محضرا عن الإشكال، ويدعو الخصوم لعرض الإشكال على رئيس المحكمة التي يباشر في دائرة اختصاصها التنفيذ عن طريق الاستعجال ". رئيس المحكمة الفاصل في الأمور المستعجلة هو إذا المختص للبت في إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي.
التطبيقات العملية لنص المادة 631 كثيرة، فمثلا، قد يقوم الدائن بحجز أموال المدين ولكن هذا الأخير، وحتى يوقف هذا التنفيذ، قد يزعم أنه أوفى بالتزامه، أو أن السند المرتكز عليه إجراء الحجز باطل أو متقادم. فأمام هذين الموقفين المتناقضين، أجاز القانون تدخل رئيس المحكمة للفصل في المنازعات مؤقتا وعن طريق الاستعجال.
لقد نشأ جدال في الفقه حول ما إذا كان توفر عنصر الاستعجال ضروريا أم لا في هذه المواد. استقر الرأي عموما، على أن هذه المواد تكون من اختصاص القضاء المستعجل، حتى ولو لم يتوفر الاستعجال. وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا الاتجاه، إذ أن المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية لم تستلزم ذلك.
المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية تتكلم عن إشكال في تنفيذ أحد " السندات التنفيذية " فما هبي هذه السندات ؟
1- السندات والأحكام التي قد يستوجب تنفيذها تدخل رئيس المحكمة
المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية القديم كانت تشير إلى إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي أو أمر أو حكم أو قرار. محررو قانون الإجراءات المدنية والإدارية فضلوا استعمال المصطلح العام " سند تنفيذي " مع تقديم قائمة السندات التنفيذية. فحسب المادة 600 فإن السندات التنفيذية هي:
- أحكام المحاكم التي استنفذت طرق الطعن العادية والأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل،
- الأوامر الاستعجالية،
- أوامر الأداء،
- الأوامر على العرائض،
- أوامر تحديد المصاريف القضائية،
- قرارات المجالس القضائية وقرارات المحكمة العليا المتضمنة التزاما بالتنفيذ،
- أحكام المحاكم الإدارية وقرارات مجلس الدولة،
- محاضر الصلح أو الاتفاق المؤشر عليها من طرف القضاة والمودعة بأمانة الضبط،
- أحكام التحكيم المأمور بتنفيذها من قبل رؤساء الجهات القضائية والمودعة بأمانة الضبط،
- الشيكات والسفاتج، بعد التبليغ الرسمي للإحتجاج إلى المدين،طبقا لأحكام القانون التجاري،
- العقود التوثيقية، لا سيما المتعلقة بالإيجارات التجارية والسكنية المحددة المدة، وعقود القرض والعارية والهبة والوقف والبيع والرهن والوديعة.
وإذا كان العقد التوثيقي يتضمن التزاما فإنه لا يعد سندا تنفيذيا إلا إذا كان هذا الالتزام محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، ولذلك فإن الاتفاقية التوثيقية التي لا تتضمن سوى التزامات متبادلة دون تحديد أجل أداء الدين المترتب على هذا الالتزام لا تعد سندا تنفيذي 1.
- محاضر البيع بالمزاد العلني، بعد إيداعها بأمانة الضبط،
- أحكام رسو المزاد على العقار.
وحسب نفس النص تعتبر أيضا سندات تنفيذية كل العقود والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون صفة السند التنفيذي.
وتضاف إلى هذه القائمة الأحكام والسندات الرسمية الأجنبية إذا قضي بتنفيذها من إحدى جهات القضاء الجزائري (م.605 و 606 ق.إ.م.إ). فالوكالة مثلا التي يحررها موثق أجنبي لا تكون قابلة للتنفيذ في الجزائر، ولا يمكن الاستناد إليها لإبرام عقود أو تصرفات قانونية إلا وفق ما يقضي بتنفيذه من جهة قضائية جزائرية.
السندات التنفيذية التي وردت في المادة 600 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية هي في الواقع نفس السندات التي كانت تشير لها المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية القديم. ما يجب الإشارة إليه هو أن المادة 600 أشارت إلى أحكام المحاكم الإدارية وقرارات مجلس الدولة. فهل يعني ذلك أن البت في إشكالات تنفيذ هذه الأحكام والقرارات هي من اختصاص رئيس المحكمة العادية وليس من اختصاص رئيس المحكمة الإدارية؟
هذه الإشكالية كانت مطروحة في ظل قانون الإجراءات المدنية القديم كون المادة 183 أشارت إلى " قرار" دون أن توضح ما إذا كان هذا المصطلح يشمل كل أنواع القرارات حتى تلك الصادرة عن القضاء الإداري. الملفت للانتباه أن المحكمة العليا ومجلس الدولة اتخذا موقفان متضاربان من هذه المسألة، إذ كلاهما قضا بعدم الاختصاص في النظر في إشكالات تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية.
في قرار مؤرخ في 5 نوفمبر 2002 ( ملف رقم 00984 المنشور بمجلة مجلس الدولة ، سنة 2003 العدد 3 الصفحة 188) قضى مجلس الدولة بأن الإشكالات في تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية تخضع لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة للقانون العام أي التابع للمحكمة العادية1. هذا القرار استعمل صيغة قطعية لا تترك مجالا لأي تأويل أو تفسير إذ أسند الاختصاص إلى قاضي محكمة القانون العام " وحده "، فاستعمال مصطلح "وحده" يعكس موقف مجلس الدولة الصارم من مسألة الاختصاص كما يضفي عليها طابع النظام العام.
من جهتها، فإن المحكمة العليا نهجت قضاء معاكس إذ اعتبرت أن القضاء الإداري هو المختص بالفصل في إشكال تنفيذ قرار قضائي إداري( قرار صادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 21 فبراير 2007 ، ملف رقم 399207 ، المنشور بمجلة المحكمة العليا،سنة 2007،العدد 1 ، صفحة 267). المحكمة العليا أسست قضائها على أن ألمادة 171 مكرر الفقرة الثالثة1-2-3-4 من قانون الإجراءات المدنية القديم تنص أن الاختصاص في تنفيذ القرارات الإدارية والاستشكال منها يخضع للقضاء الإداري دون سواه. وأما مجلس الدولة فإنه برر قضائه من أن الإشكالات المتعلقة بتنفيذ سند تنفيذي أو حكم قضائي تخضع لمقتضيات المادة 183/2 من قانون الإجراءات المدنية القديم التي تمنح اختصاص الفصل في إشكالات التنفيذ لقاضي الأمور المستعجلة العادي المختص إقليميا، وأن هذه المقتضيات غير قابلة للتطبيق عملا بالمادة 171 مكرر من قانون الإجراءات المدنية أمام الجهات القضائية الإدارية، ومن ثمة فإن الإشكالات في تنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية تخضع لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة للقانون العادي وحده.
قانون الإجراءات المدنية والإدارية جعل حدا للجدل بإسناد الاختصاص إلى قاضي الأمور المستعجلة العادي وذلك حينما أدرج بنص صريح أحكام المحاكم الإدارية و قرارات مجلس الدولة ضمن قائمة السندات التنفيذية التي يدخل الاستشكال منها في اختصاص رئيس المحكمةالعادية(م.600ق.إ.م.إ.)
2 - نوع الإشكالات التي قد تطرأ أثناء إجراءات التنفيذ
ما هي الإشكالات المشار إليها في المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية والتي تعطي الاختصاص بشأنها لرئيس المحكمة الفاصل في القضايا المستعجلة؟ هذه الإشكالات متعددة ومتنوعة. طبعا، فالمدين الذي يباشر عليه التنفيذ، سيحاول لا محالة توقيف إجراءات التنفيذ باستعماله كل الحجج والوسائل. من جهته، فإن الدائن، وبكل الطرق كذلك، سيحاول رد أي مقاومة على مواصلة التنفيذ، وعندئذ، يتجه الأول لرئيس المحكمة لتوقيف التنفيذ المتواصل رغم الأسباب التي قدمها، والثاني سيستعمل نفس الطريقة لرفع الحاجز الذي يعارض التنفيذ. فالقاضي الذي يرفع إليه الإشكال يفصل فيه مؤقتا، ويأمر باتخاذ التدابير التي يراها مناسبة، بشرط أن لا يمس بأصل الحق.
وحتى يعارض التنفيذ، يمكن للمدين الاحتجاج بأوجه موضوعية أو شكلية. وهكذا قد يزعم أنه أوفى بالتزامه، أو أن السند الذي يرتكز عليه التنفيذ باطل أو متقادم، أو كذلك أن التبليغ الذي سبق التنفيذ مشوب بالبطلان. يقدر قاضي الأمور المستعجلة كل هذه المنازعات مؤقتا، وبصفة مؤقتة كذلك سيأمر إما بمواصلة التنفيذ وإما بتوقيفه.
أما " التنفيذ " الذي تتكلم عليه المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فيعني كل الطرق والوسائل التي منحها القانون للدائن إما لضمان تسديد دينه، كحجز منقولات وعقارات المدين، وإما لإنجاز التدابير التي يتضمنها قرار قضائي.
وسنقدم فيما يلي بعض الدفوع التي قد يلجأ إليها المدين لمواجهة التنفيذ، وتحديد سلطة رئيس المحكمة فيما يخصها.
الإجراءات المتعلقة بحق الدائن طالب التنفيذ.- إذا زعم المدين أنه أوفى بالتزامه، أو أن هذا الالتزام قد انقضى بوقوع مقاصة أو تجديد، يكون رئيس المحكمة مختصا للنظر في الدفع، والأمر بإيقاف التنفيذ إذا كان مؤسسا.
وحتى يمنع التنفيذ، قد يقدم المدين عروضا (م. 584 وما يليها ق.إ.م.إ). هل يجوز لرئيس المحكمة أخذ هذه العروض بعين الاعتبار والارتكاز عليها لإيقاف التنفيذ؟ لا شك أنه، حين يحتج المدين بتقديم عروض فينشأ إشكالا يلزم رئيس المحكمة بالفصل فيه. وإذا كان غير مختصا لمناقشة صحة هذه العروض، فيمكنه الأمر مؤقتا بمواصلة أو إيقاف التنفيذ، حسب جدية العروض. وفي هذا المجال، نص القانون صراحة عن اختصاص رئيس المحكمة في حالة وجود صعوبة مادية لإيداع المبلغ أو الشيء المعروض من طرف المدين، ولكن في هذه الحالة فإن الرئيس يفصل في الإشكال عن طريق أمر غير قابل لأي طعن (م. 585 ف. 2 ق.إ.م.إ).
الإشكالات التي يثيرها الغير.- إذا أثار الغير إشكالات بشأن التنفيذ، يمكن لرئيس المحكمة أن ينظر فيها، كون المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية لم تقر أي تمييز. المادة 772 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية مثلا تنص أنه: "يجوز لحائز العقار بسند ملكية كما يجوز للغير الحائز لسند ملكية، طلب بطلان إجراءات الحجز مع طلب استحقاق العقار المحجوز كله أو بعضه ولو بعد انتهاء الآجال المحددة للاعتراض على قائمة شروط البيع، وذلك بدعوى استعجاليه ترفع ضد الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه بحضور المحضر القضائي. ويفصل رئيس المحكمة في الدعوى الاستعجالية في أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ تسجيل الدعوى"
الإشكالات المتعلقة بمختلف طرق التنفيذ.- الإشكالات التي سبق عرضها تتعلق بالإشكالات العامة التي تطرأ بمناسبة تنفيذ ما، ولكن، بما أن " التنفيذ " المنصوص عليه في المادة 631 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، يشمل كل التنفيذات التي يجيزها القانون، فيكون رئيس المحكمة مختصا كلما تعلق الأمر بالحجز، سواء أكان حجز تحفظي، أو حجز ما للمدين لدى الغير، أو حجز تنفيذي، أو حجز عقاري. ولكن ولكون قانون الإجراءات المدنية والإدارية أقر بعض القواعد الخاصة بشأن إشكالات التنفيذ المتعلقة بالحجوز، فإن هذه القواعد هي التي تطبق وهذا عملا بالمادة 631 الفقرة 2 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تنص أنه: "تخضع إشكالات التنفيذ المتعلقة بالحجوز للقواعد الخاصة بأحكام الحجوز".
3- تسوية الإشكال باللجوء إلى الاستعجال على محضر
الاستعجال على محضر إجراء يلجأ إليه أثناء إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي أو أمر أو حكم أو قرار. فمثلا، أثناء مباشرة الحجز من طرف المحضر القضائي، فقد يطرأ إشكالا ما. ففي هذه الحالة، وعملا بالمادة 631 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فعلى المحضر القضائي أن يحرر محضرا عن الإشكال، ويدعو الأطراف بعرض هذا الإشكال على رئيس المحكمة التي يباشر في دائرة اختصاصها التنفيذ وذلك عن طريق الاستعجال
خلافا لقانون الإجراءات المدنية القديم،فإن قانون الإجراءات المدنية والإدارية دقق إجراءات الاستعجال على محضر. التردد الذي كان قائما في القانون القديم حول الطرف الملزم بنقل الإشكال إلى رئيس المحكمة، هل هو الطرف المعني بالإشكال أم هو المحضر القضائي نفسه، قد وجد حله في المادة 632 إذ أن الدعوى ترفع من طرف المستفيد من السند التنفيذي أو المنفذ عليه أو الغير، وأما المحضر القضائي فإن دوره يقتصر على حضور الخصومة فقط
4- الإجراءات في حالة وجود إشكال في التنفيذ
كما قلنا فإن دعوى الإشكال في التنفيذ ترفع من طرف المستفيد من السند التنفيذي أو المنفذ عليه أو الغير الذي له مصلحة، وذلك بعد تحرير محضر إشكال من طرف المحضر القضائي المكلف بالتنفيذ يسرد فيه نوع الإشكال الذي تعرض له و حال دون مواصلة إجراءات التنفيذ. ولكن في افتراض رفض المحضر القضائي تحرير محضر الإشكال رغم إلحاح المنفذ عليه أو الغير على ذلك، فكيف تحل المسألة؟ تطرق قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى هذه الفرضية إذ نصت المادة 632-1 أنه: " في حالة رفض المحضر القضائي تحرير محضر عن الإشكال الذي يثيره أحد الأطراف، يجوز لأحدهم تقديم طلب وقف التنفيذ إلى رئيس المحكمة، عن طريق دعوى استعجالية من ساعة إلى ساعة، وتكليف المحضر القضائي وباقي الأطراف بالحضور أمام الرئيس"
وسواء تعلق الأمر بدعوى استعجالية موضوعها عرض إشكال في التنفيذ ارتكازا على محضر الإشكال الذي حرره المحضر القضائي، أو بدعوى وقف التنفيذ بعد رفض المحضر القضائي تحرير محضر إشكال، فإن إجراءات التنفيذ تتوقف إلى غاية الفصل في الإشكال أو في طلب وقف التنفيذ (م. 632-2 ق.إ.م.إ)
تقدم دعوى الإشكال أو دعوى وقف التنفيذ إلى رئيس المحكمة وليس إلى رئيس قسم من أقسام المحكمة. ويتعين على رئيس المحكمة أن يصدر أمره في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ رفع الدعوى، ويكون الأمر الصادر مسببا وغير قابلا لأي طعن (م. 633-1 ق.إ.م.إ). ويكون للأمر الصادر عن رئيس المحكمة طابعا مؤقتا ولا يمس بأصل الحق، كما أنه لا يجب أن يتضمن تفسيرا للسند التنفيذي (م. 633-2. ق.إ.م.إ). وإذا تعلقت الدعوى بإشكال في تنفيذ حكم قضائي، فإنه يجب طبعا على القاضي عند فصله في الطلب ألا يمس بحجية الشيء المقضي فيه، وعليه أن يقتصر على تقدير ومراقبة جدية الإشكال المحتج به، وبعدها فقط يأمر بصفة مؤقتة بوقف تنفيذ الحكم المستشكل في
في حالة قبول دعوى الإشكال أو طلب وقف التنفيذ، يأمر الرئيس بوقف التنفيذ لمدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر ابتداء من تاريخ رفع الدعوى.وإما في حالة الرفض فإن الرئيس يأمر بمواصلة التنفيذ (م. 634 ق.إ.م.إ.). لجعل حد للدعاوى التعسفية التي ترمي فقط إلى ربح الوقت، فإنه يمكن لرئيس المحكمة الحكم على المدعي الذي رفض طلبه بوقف التنفيذ بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف دينار، دون المساس بالتعويضات المدنية التي يمكن منحها للمدعى عليه (م. 634-3 ق.إ.م.إ
رغم أن دعوى الإشكال ودعوى وقف التنفيذ يفصل فيهما بموجب أمر استعجالي، فإن الأمر الصادر في هتين المادتين له قوة الشيء المقضي فيه، إذ عملا بالمادة 635 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية "إذا سبق الفصل في إشكال التنفيذ أو في طلب وقف التنفيذ، فلا يجوز رفع دعوى ثانية من نفس الأطراف حول نفس الموضو
5- التعليق عن قرار صادر عن الغرفة الخامسة لمجلس الدولة بتاريخ 15/01/ 2015 رقم الملف 094789 رقم الفهرس 00143/15 يثير مسألة تحديد الجهة القضائية المختصة للفصل في إشكالات تنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإدار
قلنا أنه في ظل قانون الاجرءات المدنية القديم فإن قضاء كل من المحكمة العليا و مجلس الدولة كان قضاء متضاربا بالنسبة للجهة القضائية المختصة للبت في إشكالات تنفيذ أحكام المحاكم الإدارية و قرارات مجلس الدولة و قد خلصنا بالرجوع إلى الأحكام الجديدة التي تضمنها قانون الاجرءات المدنية و الإدارية أن الاختصاص يؤول إلى رئيس المحكمة العادية. في قرار صدر مؤخرا فإن مجلس الدولة عدل قضائه القديم و اعتبر ( عن خطأ في نظرنا) أن المحكمة الإدارية و ليس المحكمة العادية هي المختصة للبت في إشكالات تنفيذ حكم صادر عن القضاء الإداري
وقائع القرار محل التعليق
صدر حكم من المحكمة الإدارية بالبويرة قضى بإلزام مديرية أملاك الدولة برفع اليد و التخلي عن قطعة أرضية لصالح المدعي.عند شروع المحضر القضائي في تنفيذ هذا الحكم فلقد وجد بعين المكان منشآت مشغولة من طرف مؤسسة عمومية مما دفع المحضر القضائي إلى وقف إجراءات التنفيذ مع تحرير محضر إشكال. المدعي المحكوم له رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية الفاصلة في الأمور المستعجلة بغرض رفع الإشكال و بتاريخ 09/09/2013 أصدرت المحكمة حكما قضت فيه برفض الدعوى بسبب أن الطلب جدي لا يدخل في اختصاص القضاء المستعجل . إثر الاستئناف المرفوع ضد هذا الحكم أصدر مجلس الدولة القرار المؤرخ في 15/01/2015 قضى بإلغاء الأمر الاستعجالي المستأنف فيه و القضاء من جديد باختصاص المحكمة الإدارية بالبويرة بالفصل في الطل
الــتعليــــق
في هذا القرار فإن مجلس الدولة و خلافا لما خلصناه بالمسبة لمسألة الاختصاص اعتبر أن الفصل في الإشكالات في تنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإدارية هو من اختصاص القاضي الاستعجالي التابع للمحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المستشكل فيه و ليس من اختصاص رئيس المحكمة العادية
مجلس الدولة أسس قضائه بمنح الاختصاص للمحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المستشكل فيه على نص المادة 804-8 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الذي يمنح الاختصاص للمحكمة الإدارية للفصل في إشكالات التنفيذ
إن هذا التسبيب غير مقنع لأن المادة 804-8 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية وردت تحت عنوان " في الاختصاص الإقليمي " و لا علاقة لها بالاختصاص النوعي فيما أنه لو كان في نية المشرع إخضاع إشكالات التنفيذ في الأحكام الإدارية إلى القاضي الاستعجالي التابع للقضاء الإداري لنص على ذلك صراح
من جهة أخرى فإن قرار مجلس الدولة قضى بقبول الاستئناف في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالبويرة الفاصل في الإشكال في التنفيذ و قضى بإلغائه رغم أنه عاين في حيثياته أن المادة 633 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية تنص بأن الأوامر الصادرة في دعوى الإشكال تكون غير قابلة لأي طعن فإذا كان الأمر كذلك فكان على مجلس الدول لا الفصل في الدعوى بالإلغاء و الإحالة و لكن التصريح بعدم قبول الاستئناف لعدم جو
قرار مجلس الدولة قضى " بإلغاء الأمر الاستعجالي المستأنف و القضاء من جديد باختصاص المحكمة الإدارية بالبويرة بالفصل في الطلب بحجة أن الأحكام الصادرة في إشكالات التنفيذ تدخل في الاختصاص الابتدائي و النهائي للمحاكم الإدارية . فالحكم بالإلغاء و الإحالة أمام نفس المحكمة رغم معاينة عدم جواز الاستئناف في الحكم المطعون فيع هو بدون شك تناقض.