CABINET Mohamed BRAHIMI , Avocat Bienvenue sur le site de Maitre Mohamed BRAHIMI, Avocat. Vous y trouverez un blog dédié à la pratique judiciaire et à la vulgarisation du droit

إشكالية تنفيذ قرار الاستئناف في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد

من المسائل الهامة التي يثيرها قرار الاستئناف هو تنفيذه. و المقصود بالتنفيذ هنا هي إشكالات التنفيذ. القانون منح   لقاضي  الامور  المستعجلة  صلاحيات في مجال النظر و الفصل في إشكالات التنفيذ ،  إذ يمكنه الأمر مؤقتا  بوقف التنفيذ أو مواصلته حسبما كان الإشكال المثار جديا أم لا  . إشكالات التنفيذ هذه ليست هي نفسها إشكالات التنفيذ التي يثيرها قرار الاستئناف.الأمر هنا لا يتعلق بالتنفيذ الجبري بمعنى العبارة و لكن بالتنفيذ المتصل بالخصومة أي  الإشكالات التي يكون موضوعها تكملة القرار.فمثلا إذا  أصدر المجلس القضائي  قرارا ملغي للحكم المستأنف ثم قضى بفسخ عقد بيع سيارة بسبب عيوب خفية في المبيع على مسؤولية البائع مع إلزام هذا الخبير بدفعه للمشتري تعويضا نقديا ، فقد يثار إشكال في تنفيذ هذا القرار كونه لم يقضي بإلزام البائع برد مبلغ المبيع للمشتري.في هذه الحالة هل يجوز للمحكوم له ( المشتري) الرجوع أمام نفس  المجلس القضائي لطلب إلزام البائع برد مبلغ المبيع الذي لم يفصل فيه القرار الأول و ذلك عن طريق إشكال في التنفيذ؟

قانون الإجراءات المدنية القديم عالج المسألة في المادة 109 التي كانت تنص على ما يلي : " إذا تم  تأييد الحكم المستأنف فيعود تنفيذه للمحكمة التي أصدرته ، و إذا ألغي الحكم برمته فيعود تنفيذه بالنسبة للخصوم أنفسهم إلى الجهة الاستئنافية ، و في حالة الإلغاء الجزئي يجوز للجهة الاستئنافية الاحتفاظ بالتنفيذ أو إحالة القضية إلى المحكمة نفسها مشكلة تشكيلا جديدا أو إلى محكمة  أخرى إذا رأت  لذلك ضرورة".

المادة 109 من قانون الإجراءات المدنية القديم  تميز إذا بين ثلاث حالات  حسبما كانت الجهة الاستئنافية قد أيدت الحكم المستأنف ، أو ألغته برمته  أو ألغته جزئيا .

إذا أيد المجلس القضائي الحكم المستأنف ، يعود تنفيذه للمحكمة التي أصدرته. وهذا الحل يفرض نفسه ، لأنه في الحقيقة فإن الحكم هو الذي ينفذ وليس القرار .في المثال الذي قدمناه فلو كان ما قضى به المجلس صدر عن محكمة و تم تأييد حكم  هذه المحكمة في الاستئناف ،  فإن الإشكال في التنفيذ يقدم لهذه الأخيرة التي يمكنها  إلزام البائع برد مبلغ المبيع دون أن يشكل ذلك خرقا لسلطة الشيء المقضي فيه.

        و إذا ألغي الحكم برمته،يعود تنفيذه بالنسبة للخصوم أنفسهم إلى الجهة الاستئنافية. يتعلق الأمر هنا  بتنفيذ القرار الجديد ، فيصعب في هذه الحالة تصور إسناد تنفيذه لمحكمة ألغي حكمها برمته. ففي المثال السابق فإن الإشكال يرفع مباشرة أمام المجلس القضائي و ليس أمام المحكمة. و حسب المادة 109 لا يعود التنفيذ للجهة القضائية الاستئنافية إلا بالنسبة للخصوم أنفسهم . فكلما كان الغير معني بهذا التنفيذ ، يعود هذا التنفيذ للمحكمة التي أصدرت الحكم . لذلك فإن القاعدة لا تطبق على إشكالات التنفيذ التي يبديها الخصم الذي لم يكن طرفا في الخصومة الابتدائية : ففي هذه الحالة يرفع الإشكال أمام المحكمة التي أصدرت الحكم .

و إما في حالة الإلغاء الجزئي ، يرجع للمجلس القضائي تعيين الجهة القضائية المختصة للفصل في إشكالات التنفيذ . يجوز ا للمجلس القضائي الاحتفاظ بالتنفيذ ،  كما يمكنه إحالة القضية إلى المحكمة نفسها مشكلة تشكيلا جديدا ، أو إلى محكمة أخرى اذا رأت لذلك ضرورة .

رغم أهمية مسألة تنفيذ القرار الصادر عن المجلس القضائي ، فإن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد  لم يتطرق لها ،  بل لم يمدد حتى النص الوحيد الذي كان موجودا في قانون الإجراءات المدنية القديم. القواعد التي سبق عرضها كانت مرتكزة على نص صريح و هي المادة 109 االقديمة. فإلغاء هذه المادة في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و عدم تعويضها بنص جديد ترك فراغا كبيرا سيترتب عليه لا محالة صعوبات في إيجاد الحلول القضائية المناسبة عندما تطرح إشكالات في تنفيذ القرارات الصادرة عن المجالس القضائية.

      هل أن العدول عن القواعد القديمة المقررة في المادة 109  من  قانون  الإجراءات  المدنية كان مقصودا بمعنى أن المشرع أراد إخضاع إشكالات تنفيذ قرارات الاستئناف إلى القواعد العامة لرفع الدعاوى؟ إن كان هذا هو المقصود ،  فإن هذه الخطة غير منتجة كما أنها تتعارض مع المبادئ  التي كانت وراء سن  قانون إجراءات مدنية جديد أي تسهيل إجراءات التقاضي و الإسراع في فك الخصومات القضائية.لا شك أن العدول على قواعد المادة 109 القديمة التي كانت تسمح  للمتقاضي اللجوء مباشرة إلى المجلس القضائي لحل إشكالات التنفيذ التي قد يثيرها قرار الاستئناف ،  عوضا من رفع دعوى جديدة قابلة لكل طرق الطعن ،  سيكون له أثر سيء على حسن سير الخصومات لا سيما فيما يتعلق بالإسراع في الفصل فيها .

      هل اعتبر المشرع أن الإجراءات الأخرى التي أقرها في  قانون الإجراءات المدنية و الإدارية كافية لحل الإشكالات التي قد يثيرها قرار الاستئناف فلا داعي بذلك إلى تمديد قواعد المادة 109 القديمة؟  بعض إشكالات التنفيذ قد تحل فعلا باستعمال طرق أخرى على غرار اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة (المادة 631 ) أو عن طريق دعوى تصحيحية ( ا لمادة 286 ) أو دعوى تفسيرية (  المادة  285 ) ، و لكن هذه الطرق تخضع لشروط صارمة لا سيما الحرص على أن لا يترتب عنها تعديل أو تغيير ما قضى به القرار المستشكل  فيه ، فيما أن طلب تسوية  الإشكال في تنفيذ قرار الاستئناف يرمي بالعكس إلى تعديل أو تكملة  حتى و إن كان هذا التعديل لا يعدو أن يكون سوى تكملة لما قضى به القرار الأصلي .

      أمام هذا الفراغ القانوني ،  فإنه يرجع للمحكمة العليا تكريس قضاء مرن من شأنه الإبقاء على القواعد القديمة التي كانت سارية في ظل المادة 109 القديمة. هذه القواعد في اعتقادنا لا تعارض المبادئ الأساسية التي أقرها قانون الإجراءات المدنية و الإدارية . فعلى شرط أن لا يرمي الإشكال المثار إلى المساس بقوة الشيء المقضي فيه أو المساس بمبدأ التقاضي على درجتين ،  فإنه من حسن سير العدالة أن تقبل الطلبات الرامية إلى حل الإشكالات التي تطرأ أثناء تنفيذ قرارات الاستئناف إن كان التدبير الملتمس اتخاذه هو بمثابة تكملة فقط لما سبق الحكم به ،  أو أنه نتيجة ضرورية لما قضي به في القرار .ففي المثال الذي قدمناه فلا مانع في رأينا أن يستجيب المجلس القضائي إلى المدعي المستشكل في القرار الأصلي  فيقضي بإلزام  بائع السيارة برد مبلغ المبيع للمشتري.

الأستاذ براهيمي  محمد

محامي لدى مجلس   قضاء  البويرة

brahimimohamed54@gmail.com

 

Date de dernière mise à jour : 25/07/2020