أصدر مجلس الدولة قرارا مؤرخا في 23 ماي 2019 ملف رقم 141785 ( مجلة مجلس الدولة لسنة 2019 عدد 17 صفحة 162 ) عالج مسألة حق استرجاع العقارات و الحقوق العينية العقارية التي نزعت ملكيتها من أجل المنفعة العمومية.
هذا القرار تطرق إلى أشكال و شروط قبول الطلب الرامي إلى استرجاع المالك الأصلي أو ورثته للعقار أو للحق العيني العقاري الذي نزع منه للمنفعة العمومية و هذا في إطار أحكام المادتين 10 و 32 من القانون رقم 91-11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 المحدد للقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية و هذا نصهما :
المادة 10 : " يبين القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية تحت طائلة البطلان ما يلي:
- أهداف نزع الملكية المزمع تنفيذه ،
- مساحة العقارات و موقعها و مواصفاتها،
- مشتملات الأشغال المزمع القيام بها،
- تقدير النفقات التي تغطي عمليات نزع الملكية،
كما يجب أن يبين القرار الأجل الأقصى المحدد لإنجاز نزع الملكية و لا يمكن أن يتجاوز هذا الأجل أربع (4) سنوات و يمكن تجديده مرة واحدة بنفس المدة إذا تعلق الأمر بعملية كبرى ذات منفعة وطنية ".
المادة 32 : " إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزمع إنجازها في الآجال المحددة في العقد أو بالقرارات التي ترخص بالعمليات المعينة يمكن أن تسترجع ملكية العقار بناء على طلب المنزوع منه أو أصحاب الحقوق ".
الملاحظ أن المادة 10 من القانون رقم 91-11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 التي تطرقت إلى إشكالية استرجاع العقارات التي سبق و أن نزعت من أصحابها للمنفعة العمومية تركت بعض الجوانب الإجرائية بدون جواب خلافا لبعض التشريعات المقارنة التي وردت فيها قواعد إضافية لا سيما بالنسبة للحالات التي لا يجوز فيها طلب استرجاع العقار أو الحق العيني المنزوع و الأجل الذي يجب خلاله تقديم هذا الطلب و أمام من يقدم و إجراءات تحديد قيمة العقار أو الحق العيني محل طلب الاسترجاع.
استرجاع العقارات التي نزعت ملكيتها للمنفعة العمومية في إطار المادة 32 من القانون رقم 91-11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 و تحديد مبلغ إعادة بيعها لملاكها الأصليين قد يتم وديا باتفاق يبرم بين مالك العقار أو الحق العيني و الإدارة التي اتخذت قرار نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية و هذا ما تجيزه صراحة المادتين 39 و 40 من المرسوم التنفيذي رقم 93-186 المؤرخ في 27 جويلية 1993 المحدد لكيفيات تطبيق القانون رقم 91-11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 المحدد للقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية ، و عند الضرورة يقدم طلب الاسترجاع أمام الجهة القضائية المختصة أي المحكمة الإدارية الابتدائية.
ترفع الدعوى القضائية الرامية إلى استرجاع العقار أو الحق العيني العقاري أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المتواجد في دائرة اختصاصها مقرر السلطة الإدارية التي اتخذت قرار نزع الملكية و يتعلق الأمر طبعا بدعوى القضاء الكامل و ليس بدعوى بطلان القرار الإداري المتضمن نزع ملكية العقار المطالب باسترجاعه، و قد قضى مجلس الدولة في هذا الصدد أنه : " على من يريد استرجاع العقار الذي نزع منه للمنفعة العمومية أن لا يوجه دعواه على شكل طعن بالبطلان في القرار الإداري المتضمن نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية الذي يبقى قرارا إداريا صحيحا لا يشوبه أي عيب من العيوب التي تجعله باطلا و قابلا للإلغاء بل عليه أن يطالب باسترجاع هذا العقار متى ثبت أن قرار نزع الملكية لم ينفذ في المدة التي حددها القانون ( قرار مجلس الدولة مؤرخ في 15 أبريل 2003 قرار رقم 006222 ، منشور بمجلة مجلس الدولة لسنة 2003 ، عدد 04 ، صفحة 91). في كل الأحوال فإن مباشرة حق الاسترجاع لا يؤدي إلى فسخ نزع الملكية و لكن يؤدي فقط إلى إعادة بيع حقيقي للعقار أو للحق العيني العقاري المنزوع إلى مالكه الأصلي مقابل مبلغ يحدد حسب نفس قواعد التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العمومية و هذا المبلغ قد يختلف عن المبلغ الذي تم دفعه من قبل الإدارة تعويضا عن نزع الملكية.
في أغلب الحالات فإن قرار التصريح بنزع الملكية للمنفعة العمومية يصدر عن والي الولاية التي يقع على إقليمها العقارات المراد نزعها و حينئذ فإن المحكمة الإدارية المختصة إقليميا للفصل في دعوى الاسترجاع هي المحكمة الإدارية التابعة لهذه الولاية .و لكن قد يقع أن السلطة الإدارية المختصة لإصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية ليس هو والي الولاية و لكن سلطة مركزية. فطبقا للمادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 93-186 المؤرخ في 27 جويلية 1993 السالف الذكر فإذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية العقارية المراد نزع ملكيتها للمنفعة العمومية تقع على إقليم ولايتين أو عدة ولايات فإن قرار التصريح بالمنفعة العمومية يصدر في شكل قرار وزاري مشترك أو قرارات مشتركة بين الوزير المعني بالعملية و وزير الداخلية و الجماعات المحلية و وزير المالية. في هذه الحالة الأخيرة ما هي المحكمة الإدارية المختصة إقليميا ؟ هل هي محكمة مقر الوزارة المعنية التي اتخذت قرار التصريح بالمنفعة العمومية أي المحكمة الإدارية للجزائر طبقا للقاعدة العامة التي تمنح الاختصاص للجهة الفضائية التي يوجد في دائرة اختصصها موطن المدعى عليه ، أم أن المحكمة الإدارية المختصة هي المحكمة المتواد في دائرتها أحد العقارات التي نزعت ملكيتها ؟ النص الذي يحدد الاختصاص الإقليمي العام للمحاكم الإدارية هي المادة 803 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تنص على أن الاختصاص الإقليمي للمحاكم الإدارية يتحدد طبقا للمادتين 37 و 38 من نفس القانون أي اختصاص محكمة موطن المدعى عليه. تبعا لذلك فإذا كانت الدعوى تخص طلب استرجاع عقار أو حق عيني عقاري تم التصريح بنزعه للمنفعة العمومية بموجب قرار وزاري فإن الاختصاص يؤول للمحكمة الإدارية للجزائر و هي المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها مقر الوزارة. و عملا بأحكام المادة 807 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فإن الاختصاص الإقليمي من النظام العام بمعنى أنه يجوز للمحكمة الإدارية التصريح بعدم الاختصاص الإقليمي من تلقاء نفسها إذا اعتبرت أنها ليست هي المحكمة المختصة إقليميا.
القضية التي فصل فيها قرار مجلس الدولة المؤرخ في 23 ماي 2019 و التي كانت منشورة بين ورثة مالك العقار المنزوع للمنفعة العمومية و والي ولاية تلمسان تتلخص في أن والي ولاية تلمسان أصدر قرارا مؤرخا في 26 ديسمبر 1989 تضمن نزم ملكية قطعة أرضية ذات مساحة 2460 م2 و كون هذه القطعة بقيت شاغرة لم تنجز عليها أي منشأة قام ورثة مالك هذه القطعة خلال سنة 2015 برفع دعوى أمام المحكمة الإدارية لتلمسان طلبوا فيها إلزام والي ولاية تلمسان بأن يرد لهم القطعة الأرضية كونها بقيت غير مستغلة و هذه الدعوى انتهت بصدور قرار مجلس الدولة المؤرخ في 23 ماي 2019 موضوع هذا التعليق قضى بإلزام والي ولاية تلمسان بصفته مصدر قرار نزع الملكية و ديوان الترقية و التسيير العقاري لنفس الولاية بصفته المستفيد من القطعة الأرضية المنزوعة بإرجاع هذه القطعة إلى أصحابها.
قرار مجلس الدولة المؤرخ في 23 ماي 2019 و إن ثبت و كرس حق الاسترجاع بعد نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية في حالة ما لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزمع إنجازها على العقار المنزوع فإنه أقر بعض الشروط تكون قابلة للنقاش كونها لا تتوافق مع طبيعة حق الاسترجاع . كون هذا القرار نشر في مجلة مجلس الدولة أي له بعد فقهي و قضائي قويين مقارنة بالقرارات العادية الغير المنشورة فقد يترتب على تطبيقه الواسع من طرف المحاكم الإدارية السفلى آثار سلبية على حق الاسترجاع و يقلص بشكل كبير من مجال قبوله.
هذا القرار و بعد أن أقر قاعدة جواز طلب استرجاع العقار المنزوع من أجل المنفعة العمومية بعد انقضاء مدة أربع (04) سنوات من تاريخ صدور قرار التصريح بنزع الملكية دون الانطلاق في أشغال المشروع المزمع انجازه على هذا العقار فإنه ربط قبول هذا الطلب بشرطين الأول أن يكون العقار المنزوع ما زال في حيازة مالكه الأصلي و الثاني أن لا يكون قرار التصريح بنزع الملكية قد تم شهره بالمحافظة العقارية و هذين الشرطين وردا كعنوان لهذا القرار في الصيغة الآتية : " يحق لمالك الأرض محل نزع الملكية بعد انقضاء الأجل المذكور ( أي 4 سنوات) استرجاع ملكيته في حالة بقائها في حيازته و عدم شهر قرار النزع و إتمام إجراءاته ".
ربط قبول طلب استرجاع العقار المنزوع بشرط بقاء حيازته في يد مالكه و كذا بعدم شهر قرار نزع الملكية هو في رأينا شرط لم ينص عليه القانون و يعارض حتى طبيعة حق الاسترجاع لأنه بعد مرور مدة أربع سنوات من تاريخ صدور قرار نزع الملكية وهو الأجل الذي يجب احترامه من قبل مالك العقار قبل طلب الاسترجاع فإن هذا القرار يكون بالضرورة قد تم شهره و يكون بذلك العقار قد انتقلت ملكيته للهيئة المستفيدة من قرار النزع حتى و لو بقي مالكه الأصلي حائزا له هذا و سنرى أن القانون لا يمنع ممارسة حق الاسترجاع حتى و لو كان العقار المنزوع ليس في حيازة مالكه الأصلي و لكن انتقلت حيازته للهيئة النازعة و أنجزت عليه منشآت و لكن غير المنشآت التي تم النزع من أجلها.
الواقع أن التفسير الصحيح لنص المادة 32 من القانون رقم 91-11 المتعلقة بحق لاسترجاع بعد التصريح بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية و تحليلها على ضور باقي النصوص الواردة في نفس القانون و كذا على ضوء القضاء المقارن المرتكز على نفس القاعدة المكرسة في المادة 32 من القانون رقم 91-11 يجعلنا لا نشاطر القضاء الذي تم اعتماده في قرار مجلس الدولة المؤرخ في 23 ماي 2019.
حق استرجاع العقار أو الحق العيني العقاري المنزوع للمنفعة العمومية بعد مرور مدة معينة من الزمن دون قيام الهيئة النازعة بتجسيد المشروع المزمع انجازه على هذا العقار هي قاعدة مكرسة في أغلب التشريعات . المبدأ المتفق عليه أنه يجوز مباشرة حق الاسترجاع حتى و لو كان قرار التصريح بنزع الملكية المتخذ من طرف الإدارة المختصة قد تم شهره و لو لم يبقى هذا العقار في حيازة مالكه الأصلي.
نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية هو إجراء تقوم بموجبه الدولة أو جماعة محلية باكتساب ملكية عقار أو حق عيني من أجل انجاز مشروع ذو منفعة عمومية و ذلك مقابل تعويض ( مثلا انجاز طريق ، مستشفى أو مدرسة ). و مع ذلك فإن القانون الجزائري ينص عن ﺁلية الاسترجاع التي تسمح للملاك القدماء أو ورثتهم استرداد أملاكهم المنزوعة إذا توفرت بعض الشروط.
طبقا للمادتين 10 و 32 من القانون رقم 91-11 فإنه يجب تقديم طلب استرجاع العقار أو الحق العيني المنزوع من قبل مالكه الأصلي بعد انقضاء المدة المحددة في العقد أو في القرارات التي ترخص بالعمليات المعينة و في حاله عدم تحديده في أجل 4 سنوات من تاريخ القرار الإداري المتضمن نزع الملكية للمنفعة العمومية و ذلك في حالة ما إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزمع إنجازها في هذا الأجل. و لكن إذا صدر قرار إداري لاحق تم بموجبه تمديد مدة انجاز هذه الأشغال و لو وقع هذا التمديد أثناء إجراءات الاسترجاع فإن طلب الاسترجاع لا يكون مقبولا إلا بعد انقضاء الأجل الجديد. المادة 10 من القانون رقم 91-11 تجيز تمديد مرة واحدة الأجل إلى 4 سنوات أخرى و لكن فقط إذا تعلق الأمر بعملية كبرى ذات منفعة وطنية . و يفهم من هذا النص أنه إذا تعلق الأمر بعملية عادية كإنجاز طريق أو مستشفى أو مدرسة فإنه لا يجوز تمديد مدة انجاز المشروع المزمع إنجازه على العقار المنزوعة لأربع سنوات أخرى . قد تتخذ الإدارة بعض القرارات تحول دون قيام حق الاسترجاع الذي يزول و ذلك عندما تمدد تلقائيا التصريح بالمنفعة العمومية الأصلي أو تصدر تصريحا جديدا بالمنفعة العمومية يخص نفس العقار كما قد تعدل موضوع التصريح بالمنفعة العمومية إذا كان هذا التعديل غير مقترن بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
قد تقع حالات يكون فيها طلب استرجاع العقار المنزوع مؤسس و مبرر و مع ذلك يكون الاسترجاع مستحيلا ماديا و مثال ذلك الحالة التي تكون الإدارة قد تنازلت عن هذا العقار للغير ، أو عندما تكون الإدارة قد بدأت في استعمال العقار المنزوع بعد انقضاء أجل الأربع سنوات ، أو يكون العقار قد أتلف أو أنجزت عليه منشأة ، ففي كل هذه الحالات يمكن فقط لمالك العقار أن يتقدم أمام القاضي بطلب تعويض. كذلك قد يرفض القاضي طلب استرجاع العقار المنزوع إذا كانت المساحة الغير المستعملة ضئيلة بالنظر إلى العملية الكاملة و إلى المساحات الإجمالية المنزوعة.
متى يجب تقديم طلب الاسترجاع إذا توفرت شروطه ؟ خلافا للقانون القديم فإن القانون رقم 91-11 لا يتضمن نصا خاصا حدد فيه أجل تقديم طلب الاسترجاع و مع ذلك فإنه يجب تقديمه في أجل 15 سنة تسري من تاريخ صدور قرار نزع الملكية ما لم يصدر تصريح جديد بالمنفعة العمومية. مدة 15 سنة هي المدة المقررة في المادة 308 من القانون المدني و التي تتقادم فيها كل الحقوق و تسقط فيها كل الدعاوى القضائية بالتقادم و هذا ما كانت تنص عليه صراحة المادة 48 من الأمر رقم 76-48 المؤرخ في 25 ماي 1976 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية الملغى بموجب القانون رقم 91-11 التي فرضت تقديم طلب استرداد العقار الذي لم يخصص للغرض الذي نزع من أجله في أجل 15 سنة من تاريخ قرار نزع الملكية ، و هذه القاعدة كرسها كذلك مجلس الدولة في قرار سابق قضى بأن دعوى استرداد الأرض محل نزع الملكية غير المستعملة تتقادم بمرور 15 سنة من تاريخ صدور قرار نزع الملكية ( قرار مؤرخ في 18 أكتوبر 2005 ، ملف رقم 22461 ، فهرس رقم 743 منشور بمجلة مجلس الدولة لسنة 2005 ،عدد 07 ، صفحة 105).
مبدئيا لا يمنع القانون أن يتم الاسترجاع عن الطريق الودي أي باتفاق بين الهيئة الإدارية التي اتخذت قرار نزع الملكية و مالك العقار المنزوع. طبعا في هذه الحالة فإن عملية الاسترجاع تتم عن طريق إعادة بيع العقار لمالكه الأصلي بعد تقييمه حسب نفس القواعد المقررة في نزع الملكية أي بتقييمه من طرف إدارة أملاك الدولة . الأمر رقم 76-48 المؤرخ في 25 ماي 1976 الملغي كان ينص صراحة في المادة 48 أنه : " إذا لم يعين للعقارات التي نزعت ملكيتها التخصيص المقرر لها خلا 5 سنوات أو نزع عنها ذلك التخصيص ، جاز للمالكين القدماء أو خلفائهم على وجه العموم أن يطلبوا إعادة البيع لهم خلال مهلة 15 سنة من تاريخ قرار نزع الملكية ما لم يصدر تصريح جديد بالمنفعة العامة ".
عمليا وحتى في ظل قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية الصادر في سنة 1976 الملغى بموجب القانون رقم 91-11 فإنه نادرا ما تلجأ الإدارة مصدرة قرار نزع الملكية إلى إرجاع العقار المنزوع لمالك الأصلي وديا عن طريف إعادة بيعه له ، و لذلك فإن القضاء هو الذي يفصل في هذا النوع من الدعاوى . قد تقع الحالة التي يتنازل فيها المنزوع منه ملكيته أمام الإدارة عن حقه في مباشرة حق استرجاع العقار المنزوع . هل هذا التنازل عن حق الاسترجاع مطابق للقانون أي أنه في حالة ما إذا بقي العقار المنزوع شاغرا و لم ينجز عليه المشروع المهيأ له ، لا يجوز للمالك الأصلي طلب استرجاعه بسبب هذا التنازل ؟ هذه المسألة لم تعالج بعد في القضاء الجزائري و لكن استقر القضاء المقارن على غرار القضاء الفرنسي على أن حق الاسترجاع هو حق من النظام العام للحماية ، و تبعا لذلك قضت محكمة النقض الفرنسية أنه لا يجوز للمنزوع منه ملكيته للمنفعة العمومية التنازل عن حقه في استرجاع ملكيته قبل نشوء شروط ممارسته لهذا الحق. التنازل الذي وقع قبل انقضاء المدة المقررة لممارسة حق الاسترجاع أي قبل اكتمال مدة 5 التي كان يجب فيها انجاز المشروع يكون بذلك تنازل باطل . هذا القضاء لمحكمة النقض الفرنسية مؤسس على نصوص قانونية فرنسية متعلقة بنزع الملكية للمنفعة العمومية هي نفسها النصوص الواردة في القانون رقم 91-11 و لذلك قد تجد مجالا للتطبيق أمام القاضي الجزائري.
عندما ترفع دعوى استرجاع العقار المنزوع للمنفعة العمومية أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المختصة إقليما في إطار أحكام المادة 32 من القانون رقم 91-11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 المحدد للقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية ، فإذا اعتبرت المحكمة أن شروط قبول هذه الدعوة متوفرة أي أن الدعوى رفعت بعد مضي مدة 4 سنوات من تاريخ صدور قرار نزع الملكية أو بعد مضي المدة المحددة في العقد أو في القرارات التي ترخص بالعملية و أن العقار المنزوع بقي شاغرا دون أن ينجز عليه المشروع المخصص له ، فإنها تقضي بأحقية المدعي في استرجاع عقاره و يرجع لها طبعا تحديد قيمة هذا العقار و لو بعد تعيين خبير يكلف بهذه المهمة. منطوق الحكم الذي تصدره لمحكمة الإدارية سيتضمن حينئذ إلزام السلطة الإدارية مصدرة قرار نزع الملكية بإرجاع العقار المنزوع لصاحبه و هو المدعي و بالمقابل إلزام هذا الأخير بدفعه لها المبلغ الذي تم تحديده سلفا على ذمة قيمة هذا العقا.
براهيمي محمد
محامي لدى مجلس قضاء البويرة
brahimimohamed54@gmail.com