CABINET Mohamed BRAHIMI , Avocat Bienvenue sur le site de Maitre Mohamed BRAHIMI, Avocat. Vous y trouverez un blog dédié à la pratique judiciaire et à la vulgarisation du droit

حجية عقود نقل ملكية العقارات أو الحقوق العينية العقارية المحررة قبل الاستقلال

Notaire 4 

في بعض الخصومات التي تطرح  أمام الجهات القضائية  المتعلقة بمنازعات حول ملكية عقار أو حق عيني عقاري  فإنه كثيرا ما يحتج المتقاضين بعقود   قديمة حررت قبل الاستقلال لإثبات ملكيتهم  للعقار المتنازع عليه . هل لهذه العقود القديمة  حجية قانونية أمام القضاء بمعنى أنها تشكل دليل كاف لإثبات الملكية العقارية  في نفس مستوى العقود  المحررة تطبيقا للتشريع  الحالي أي العقود  المحررة أمام موثق مسجلة و مشهرة في المحافظة العقارية؟ المسألة كانت محل جدال فقهي و قضائي. القضاء الوطني كان مترددا حول هذه المسألة و لم يستقر على حل موحد و نهائي  إلا بعد تردد و هفوات  . في الأخير فإن  المحكمة العليا  فصلت المسألة في اتجاه الاعتراف لمثل هذه العقود القديمة نفس   الحجية المتصلة بالعقود الرسمية .

تكمن الصعوبة التي تثيرها طبيعة العقود الصادرة  قبل الاستقلال في أن هذه  العقود وعلى الرغم من أنها تتعلق بعقارات أو بحقوق عينية عقارية  فإنها محررة  إما على شكل عقود عرفية  أي موقعة فقط من الأطراف دون تدخل ممثل السلطة العمومية ( موثق أو غيره)  و إما محررة  من طرف أعوان أو سلطات  عمومية  القائمة آنذاك  التي لم يبقى لها وجود كقضاة المحاكم الشرعية أو الباش عادل التابعين  للمحاكم القديمة  أو كذلك  المحررة من طرف قدماء الموثقين.

منذ صدور الأمر رقم 70-90 المؤرخ 15 ديسمبر 1970 المتضمن تنظيم التوثيق وأكثر من ذلك منذ صدور الأمر رقم 75-58 المؤرخ 29 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني، فإن العقد الناقل لملكية  عقار أو حق عيني عقاري يجب أن يحرر أمام موثق  و يكون مسجل و مشهر في المحافظة العقارية أو إلا كان هذا العقد باطلا (المحكمة العليا ، الغرفة المدنية ، 0707/10982 ، ملف رقم 25699،نشرة القضاة  لسنة 1982، عدد خاص ، ص.171  ؛ المحكمة العليا ، الغرفة العقارية ، 11 / 02/2016 ، ملف رقم 967151 ، مجلة المحكمة العليا لسنة 2016 ، عدد 1 ، صفحة 70).).

ما هي طبيعة العقود الناقلة للعقارات و للحقوق العينية العقارية المحررة قبل 15 ديسمبر 1970 المحتج بها في الخصومات القضائية الحالية ؟ هل هي عقود باطلة إذا كانت محررة في شكل عقود عرفية أو كانت صادرة عن السلطات العمومية التابع للمحاكم الشرعية  القديمة ؟ العقود المحررة قبل الاستقلال كانت تخضع للتشريع الفرنسي  و هذا التشريع تم تمديده باستثناء  نصوصه التي تعارض السيادة الوطنية و هذا طبقا لأحكام القانون رقم 62-157 المؤرخ في 31 ديسمبر 1962. المبدأ إذا أن العقود الناقلة للملكية العقارية التي حررت في إطار التشريع القديم  تكون صحيحة تنتج كل آثارها إذا احتج بها  في الخصومات القائمة بعد الاستقلال.

موقف الجهات القضائية الأدنى من مسألة القيمة القانونية لهذه العقود المحررة قبل 15 ديسمبر 1970  الذي يفرض الشكل الرسمي في العقود الناقلة للملكية العقارية عندما يحتج بها في الدعاوى العقارية و الدعاوي العينية العقارية  كان  مترددا ومتناقضا. بعض الجهات القضائية رفضت  الاعتراف لهذه العقود المنصبة عل العقارات قوة  ثبوتية  واستبعدتها على أساس أنه كان على أصحابها تحديث و تحيين  هذه العقود لتتماشى مع التشريع الجديد والوضع الجديد للعقارات المعنية. بالعكس فإن جهات قضائية  أخرى  قبلت مثل هذه العقود و  اعترفت لها بحجية  بسبب  أنه بتاريخ تحريرها كانت مطابقة للقانون المطبق آنذاك  و أنه في كل الأحوال فإن التشريع الجزائري الحديث  (الأمر رقم 70-90  المؤرخ 15 ديسمبر 1970 المتضمن تنظيم  التوثيق والأمر رقم 75-58 المؤرخ 29 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني) الذي يخضع عقود  نقل الملكية  العقارية للشكل الرسمي  ليس له أثر رجعي. لم يستقر الأمر بشأن هذه المسألة إلا بعد تدخل المحكمة العليا..

استقر حاليا  قضاء كل من المحكمة العليا و  مجلس الدولة على أن العقود المتضمنة نقل ملكية عقار أو حق عيني عقاري  المحررة قبل 15 ديسمبر 1970 بما فيها المحررة قبل الاستقلال  أمام قضاة المحاكم الشرعية أو الباش عادل التابع للمحاكم القديمة  أو العقود المحررة أمام قدماء  الموثقين  لهم حجية العقد الرسمي و يشكلون دليل كاف في مجل إثبات الملكية العقارية.  

وهكذا قضت المحكمة العليا بأن عقد  نقل ملكية قطعة أرضية المحرر بتاريخ 24 فبراير 1942من طرف  قاضي المحكمة الشرعية بخراطة هو عقد صحيح  و رسمي  (المحكمة العليا ، الغرفة العقارية، 25/02/2004 ، ملف رقم 264528 ، المجلة القضائية لسنة 2004 ، رقم 1 ، ص 235) ، و أن العقود التي يحررها القضاة الشرعيون  تكتسي نفس طابع الرسمية  التي تكتسيها العقود المحررة من طرف الأعوان العموميون ( المحكمة العليا، لغرفة العقارية ، 06/03/1989 ، ملف رقم 40097 ، المجلة القضائية  لسنة 1992 ، عدد 1 ، ص 119) ، و أن عقد الحجز المحرر من قبل القاضي الشرعي  يعتبر وقت  تحريره سندا رسميا للملكية (المحكمة العليا ، الغرفة العقارية ، 17/12/2008 ، ملف رقم 487496 ، مجلة المحكمة العليا لسنة 2008 ، رقم 2 ، ص.285).

بالنسبة للعقود العرفية  الناقلة للملكة العقارية المحررة قبل الاستقلال وقبل صدور الأمر رقم 70-90 المؤرخ 15 ديسمبر 1970 المتضمن تنظيم التوثيق ، فلهم قيمة قانونية  و حجية وتحوز القوة الثبوتية  حتى و إن لم تخضع للتسجيل . هذا ما قضت به المحكمة العليا بالنسبة لبيوعات انصبت على عقارات  تمت بموجب عقود عرفية  في سنوات 1959 و 1963 و 1968  إذ أضفت الصبغة الرسمية و الثبوتية لهذه العقود العرفية على أساس أنه في التشريع القديم كان يجوز بيع العقارات  بموجب عقود عرفية  و أنه في كل الأحوال فإن هذه العقود  صحيحة حتى و إن لم يتم تسجياها أو شهرها  (المحكمة العليا ، الغرفة العقارية ، 09/06/1982 ، ملف رقم 24573، المجلة القضائية لسنة 1982 ، عدد خاص  ، ص.147 ؛ المحكمة العليا،الغرفة العقارية ، 14/04/2020، ملف رقم 614074، مجلة المحكمة العليا لسنة 2012،عدد 1، ص.163 ). بالعكس فإن العقود العرفية المتضمنة  نقل ملكية عقار أو حق عيني عقاري  المحررة  بعد صدور قانون التوثيق أي بعد   15 ديسمبر 1970 فإنها عقود باطلة بطلانا مطلقا  (المحكمة العليا ، الغرفة المدنية ، 07/07/1982 ، ملف رقم 25699 ،  نشرة القضاة لسنة 1982 ، عدد خاص ، ص 171 ؛  المحكمة العليا ، الغرفة العقارية  ، 19/03/2003 ، الملف رقم 246799 ،  المجلة القضائية لسنة 2004 ، عدد 1 ، ص. 209).

 إذا كانت العقود  القديمة المحررة قبل الاستقلال المتضمنة  نقل ملكية عقار أو حق عيني عقاري تحتفظ دائمًا بقيمتها القانونية وقوتها الثبوتية  أمام المحاكم ، وبالتالي يجوز الاحتجاج بها أمام القضاة  اتجاه الغير المعتدي على هذه الملكية ، فإنه يبقى  من المستحسن  تحديث  و تحيين مثل هذه العقود حتى تكتسب قوة ثبوتية  مطلقة .  لهذا الغرض يمكن أن تشكل هذه  العقود  راكزة  كافية   لطلب فتح تحقيق عقاري بغرض استصدار عقد ملكية من المحافظة العقارية  و ذلك في إطار القانون رقم 07-02 المؤرخ في 27 فبراير 2007 المتضمن تأسيس إجراء لمعاينة  حق الملكية العقارية  و تسليم سندات الملكية  عن طريق تحقيق عقاري إذا كان العقار يتواجد في منطقة  غير ممسوحة ،   وأما إذا  كان العقار قد خضع لعمليات مسح الأراضي  التقرب من المحافظة العقارية بطلب ترقيم العقار المشمول بالعقد القديم  مع تسليم الدفتر العقاري و ذلك  في إطار الأمر رقم 75-74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري.

الأستاذ براهيمي محمد

محامي لدى مجلس قضاء البويرة

brahimimohamed54@gmail.com

 

Date de dernière mise à jour : 29/10/2022