CABINET Mohamed BRAHIMI , Avocat Bienvenue sur le site de Maitre Mohamed BRAHIMI, Avocat. Vous y trouverez un blog dédié à la pratique judiciaire et à la vulgarisation du droit

سلطة الشيء المقضي فيه في الجزائي على الجزائي : هل يجوز إدانة متهم ثانية لارتكابه أفعال سبق و أن أدين عليها بحكم سابق؟

المتهم الذي أدين لارتكابه فعل معاقب عليه جزائيا هل يجوز متابعته ثانية لارتكابه نفس الفعل ؟ هذه الفرضية تقع مثلا في حالة ما تعددت ضحايا نفس الفعل الجنائي و ارتكزت الإدانة على شكوى أحد هذه الضحايا ثم و بعد أن حكم على المتهم قامت ضحية أخرى تضررت من نفس الفعل بإيداع شكوى ضد نفس المتهم.الجواب يكون بالإيجاب في نظر قرار حديــث أصدرته المحكمة العـــليا بتاريخ 29/05/2014 تحــت رقم  561073 jpg .هل أن هذا القضاء للمحكمة العليا هو قضاء مطابق للقواعد التي تحكم هذه المسألة؟ يتعلق الأمر هنا بمبدأ سلطة أو حجية الشئ المقضي فيه و بالخصوص مبدأ سلطة الشئ المقضي فيه في الجزائي على الجزائي

المتهم الذي أدين لارتكابه فعل معاقب عليه جزائيا هل يجوز متابعته ثانية لارتكابه نفس الفعل ؟ هذه الفرضية تقع  مثلا في حالة ما تعددت ضحايا نفس الفعل  الجنائي و ارتكزت الإدانة على شكوى أحد هذه الضحايا ثم و بعد أن  حكم على المتهم قامت ضحية أخرى     تضررت من نفس الفعل بإيداع شكوى ضد نفس المتهم.الجواب يكون بالإيجاب في نظر قرار حديث أصدرته المحكمة العليا بتاريخ 29/05/2014 تحت رقم 561073 .هل أن هذا القضاء للمحكمة العليا هو قضاء مطابق للقواعد التي تحكم هذه المسألة؟ يتعلق الأمر هنا بمبدأ سلطة أو حجية الشئ المقضي فيه و بالخصوص مبدأ سلطة الشئ المقضي فيه في الجزائي على الجزائي.

الوقائع و بالشكل التي وردت في قرار المحكمة العليا هي كالتالي : قام أحد أعوان مؤسسة بريد الجزائر باختلاس مبلغ مالي من دفتر التوفير و الاحتياط  التابع لأحد زبائن هذه المؤسسة  و إثر شكوى من ضحية هذا الاختلاس أحيل العون أمام محكمة الجنح  بعين بسام التي أصدرت حكما بتاريخ 01/01/2003 أصبح نهائيا بعد استنفاذ كل طرق الطعن قضى بإدانة المتهم بأربع سنوات حبس نافذة .خلال سنة 2007 أودع بريد الجزائر شكوى ثانية ضد نفس العون بحجة أن هذا الأخير اختلس كذلك بنفس التاريخ و في نفس الظروف مبالغ من دفتر التوفير و الاحتياط تابع لزبون آخر.

فصلا في المتابعة الثانية  أصدرت نفس المحكمة حكما بتاريخ 24/12/2007 قضت فيه بإدانة المتهم بعام حبس نافذا.رفع المتهم استئناف ضد هذا الحكم و أمام المجلس القضائي أثار الدفع بالشئ المقضي فيه على أساس أنه سبقت إدانته لنفس الأفعال بموجب الحكم المؤرخ في 01/01/2003 فالتمس التصريح بانقضاء الدعوى العمومية.بموجب قرار مؤرخ في 23/02/2008 أصدر مجلس قضاء البويرة قرارا قضى بقبول الدفع المثار من المتهم فبرئه من التهمة المتابع بها بعد تصريحه بانقضاء الدعوى العمومية. رفع النائب العم طعن بالنقض ضد هذا القرار الأخير القاضي بالبراءة و فصلا فيه أصدرت المحكمة العليا قرارا بتاريخ 29/05/2014 قضى بنقض القرار المطعون فيه مع إحالة القضية إلى نفس المجلس للفصل فيها من جديد  و ذلك بحجة عدم توفر شروط  سلطة الشئ المقضي فيه.

كون المحكمة العليا فصلت في مسألة قانونية (مسألة توفر عناصر سلطة الشيء المقضي فيه من عدمه) فإن مجلس قضاء البويرة ساير ما قضت به  هذه الهيئة  فأصدر قرارا بتاريخ 07/12/2014  أين تراجع فيه عن قضائه الأول فقضى بتأييد حكم المحكمة المؤرخ في 24/12/2007 القاضي بإدانة المتهم بعام حبس نافذ.

قبل التعليق على قرار المحكمة العليا لنعرض شروط تطبيق مبدأ سلطة الشئ المقضي فيه في الجزائي على الجزائي.

I – المبدأ

مبدأ سلطة الشئ المقضي فيه في الجزائي على الجزائي هو مبدأ مقرر في المادة 6 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص أن حجية الشئ المقضي فيه هو أحد أسباب انقضاء الدعوى العمومية.في افتراض مباشرة متابعة جزائية جديدة  ضد شخص سبق إدانته بحكم نهائي لارتكابه نفس الأفعال فإن مبدأ سلطة الشئ المقضي فيه يكون حاجزا لهذه المتابعة الجديدة. المتهم المحال أمام المحكمة  في هذه الحالة سيستفيد بالبراءة لانقضاء الدعوى العمومية.

يمكن إثارة  حجية الشيء المقضي فيه في أي حالة كانت عليها الدعوى بمعنى أنه في حالة ما أغفل المتهم التمسك بهذا الدفع أمام المحكمة الابتدائية يجوز له التمسك بهذا الدفع  لأول مرة أمام المجلس القضائي  إثر الاستئناف و حتى لأول مرة  أمام المحكمة العليا إثر الطعن بالنقض.الدفع بالشئ المقضي فيه هو إذا دفع من النظام العام و لذلك يجوز حتى للقاضي المطروح أمامه  المتابعة الثانية  إثارته تلقائيا .

II- شروط تطبيق المبدأ

حتى يكون الدفع بالشيئ المقضي فيه مقبولا يجب أولا  أن يكون الحكم الأول حكم فاصل في الموضوع و أن في كلا الدعويين توجد وحدة في  الأطراف و في السبب.

أ- حكم في الموضوع

الحكم الذي يحوز سلطة أو حجية الشئ المقضي فيه هو الحكم الذي فصل في الإدانة إما بتبرئة المتهم و إما بإدانته بعقوبة .يجب أن يكون هذا الحكم نهائيا أي غير قابل لأي طعن من الطعون العادية أو الغير العادية إما لأن هذه الطعون بوشرت و إما ميعاد رفعها قد انقضى.فالحكم  الذي هو محل استئناف أو طعن بالنقض لا يحوز سلطة الشيء المقضي فيه فلا يجوز للمتهم حينئذ الاحتجاج بهذا الحكم  للإفلات من متابعة أو إدانة  ثانية لنفس الأفعال.

ب- وحدة الأطراف

ليكون ثمة مجالا للدفع بالشيء المقضي فيه في الجزائي على الجزائي  يجب كذلك أن يتوفر شرط وحدة الأطراف. يجب أن يتعلق الأمر في كلا الحالتين  بنفس الطرف طالب المتابعة و نفس الطرف محل هذه المتابعة. الطرف طالب المتابعة هو في كل الأحوال النيابة العامة و إما بالنسبة للطرف محل المتابعة فإن شرط وحدة الأطراف يكتمل عندما يكون نفس الشخص هو المعني بالمتابعة الجديدة.إذا تعلق الأمر بشخص آخر مثلا بشريك في الجريمة فإن هذا الأخير لا يمكنه التمسك بالشيء المقضي فيه.

ج- وحدة السبب

وحدة السبب أو وحدة الفعل الجنحي  يشكل الشرط الثالث و في غياب هذا الشرط لا يمكن للمتهم الاحتجاج بالشيء المقضي فيه للإفلات من متابعة جــديدة. هل يفــهم مــن مــصطلح " فعل"  fait   " فعل مادي " fait matériel  un أم " فعل  قانوني متصل بالتكييف " un fait juridique de qualification علما أن نفس الفعل المادي قد ينطوي على تكييفات قانونية مختلفة ؟ المشرع الجزائري قطع المسألة إذ أن المادة 311 الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه :" لا يجوز أن يعاد أخذ شخص قد بريء قانون أو اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى و لو صيغت بتكييف مختلف ".ما يؤخذ بعين الاعتبار إذا  هي الأفعال المادية بغض النظر عن تكييفها القانوني.إذا توبع شخص مثلا  لارتكابه حادث مرور سبب جروح للضحية  و أدين نهائيا لذلك بعد إحالته أمام المحكمة الجزائية بتهمة الجروح الخطأ فإنه لا يجوز متابعة هذا الشخص مجددا بتهمة القتل الخطأ في افتراض أن الضحية تفاقمت الجروح التي أصيبت بها ثم توفت.

هذه هي إذا الشروط التي يجب توفرها  حتى يحوز الحكم الأول سلطة الشيء المقضي يفيه و يصبح حاجزا لمتابعة جزائية جديدة.

بالنسبة لقرار المحكمة العليا المؤرخ في 29/05/2014 و قرار مجلس قضاء البويرة  المؤرخ في 07/12/2014 الصادر إثر الإحالة بعد النقض  فإنه لا شك أن شروط قبول الدفع بالشيء المقضي فيه كانت متوفرة و لذلك فإن تمسك المتهم بهذا الدفع كان مبرر قانونا و كان يستدعي بالضرورة  إفادته بالبراءة لانقضاء الدعوى العمومية.

قرار المحكمة العليا استبعد الدفع بالشيء المقضي فيه بحجة أن الضحية ( صاحب  دفتر التوفير و الاحتياط الذي اختلس منه المبلغ) في المتابعة الثانية ليست هي نفسها الضحية التي كانت سببا في المتابعة و الإدانة الأولى.في نظر المحكمة العليا فإن شرط وحدة الأطراف كان منتفيا. و لكن رأينا أن معنى " وحدة الأطراف"  هي  " وحدة الطرف طالب المتابعة و الطرف  محل المتابعة  ".الضحية أو الطرف المدني لا يؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة لشروط سلطة الشيء المقضي فيه في الجزائي على الجزائي.قرار المحكمة يكون قد وقع في التباس عند تمييزه بين سلطة الشيء المقضي فيه في المواد الجزائية و سلطة الشيء المقضي فيه في المواد المدنية إذ أن الحالة الثانية فقط  هي التي تتطلب توفر وحدة كل الأطراف التي شاركت في الخصومة.

 

Date de dernière mise à jour : 25/07/2016