طبيعة الحكم الصادر في قضايا الشفعة : تعليق على قرار

By On 24/06/2025

Image chefaa 6

أصدر مجلس قضاء البويرة الغرفة العقارية قرارا مؤرخا في 29/04/2025  فصل في قضية تتعلق بالشفعة على عقار أقر قاعدة قد  تؤثر بشكل متفاوت على مآل  هذا النوع من القضايا . هذه القاعدة مفادها  أن الحكم الفاصل في قضايا الشفعة هو حكم ابتدائي و نهائي يكون غير قابل للاستئناف . في الواقع  أسباب هذا القرار ليس اجتهادا شخصيا لقضاة المجلس بل هو تطبيق لقرار أصدرته المحكمة العليا الغرفة العقارية بتاريخ 15 جوان 2017  ملف رقم  1064516 فصل في قضية مماثلة  أقرت فيها قاعدة عدم قابلية حكم الشفعة للاستئناف. 

قبل مناقشة مسألة قابلية أحكام الشفعة للاستئناف من عدمه سنعرض بإيجاز منظومة الشفعة في بيع عقار و الإجراءات التي تخضع لها.

الشفعة  هي رخصة تبيح للشخص الذي له صفة معينة قانونا (  مالك الرقية  ، شريك في الشيوع ،  صاحب حق الانتفاع ) أن يسترد  ملكية عقار  تم بيعه للغير  و ذلك بنفس الثمن و الشروط التي تم بها البيع .  الشفعة  التي  تفرض جبرا على المشتري  هي إذا سبب من أسباب كسب الملكية العقارية  و  تعد استثناء  لمبدأ حرية التعاقد و التصرف في الملكية.  تطرق التشريع الجزائري لمسألة الشفعة في المواد من 794 إلى 807 من القانون المدني. حسب المادة 794  من هذا القانون فإن الشفعة هي : " رخصة تجيز الحلول محل المشتري  في بيوع العقار ".

   

المنازعات المتعلقة بالمنقولات و العقارات : حالة تزاحم المشترين لنفس العقار و المفاضلة بينهم

By On 26/04/2025

Vente 1

كثيرا ما تطرح أمام القاضي منازعات حول ملكية منقول أو عقار و يدفع كل واحد من المتخاصمين بملكيته لهذا المنقول أو العقار. إذا تعلق الأمر بعقار (قطعة أرضية ، مسكن ، محل ...) فقد يقع أن يقوم مالكه ببيعه  لعدة مشترين.هذه الحالة  للبيع المتتالي  لنفس العقار من نفس البائع تقع مثلا في حالة ما قام مالك العقار ببيعه لشخص بعقد بيع كتابي و لو كان توثيقي و لكن دون شهره في المحافظة العقارية ، ثم  يقوم  لاحقا ببيع نفس العقار لشخص آخر بعقد توثيقي مشهر. كون البيع الأول تم بموجب عقد غير مشهر فإن هذا العقد بقي عقدا ناقصا لا ينقل الملكية أللمشتري كونه غير مشهر  في السجل العقاري و هذا ما يمنح فرصة للبائع بإعادة بيع نفس العقار لشخص آخر دون أن يتفطن هذا الأخير بالبيع الأول. يمكن كذلك تصور قيام البائع   ببيع عقار لمشتري أول بعقد محرر أمام  موثق  ثم يقوم ببيع نفس العقار لمشتري ثان بعقد محرر أمام موثق آخر ثم يقوم كلا الموثقين بإيداع عقدهما أمام المحافظة العقارية لمكان تواجد هذا العقار بغرض شهرهما فهنا كذلك سيطرح إشكال أولوية العقد الذي يجب شهره . كذلك قد يقوم مورث بنقل ملكية عقار لشخص قبل وفاته ، و بعد وفاة المورث تنتقل تركته بما فيه العقار المبيع ( الغير المشهر) إلى الوارث أو الورثة ثم يقوم الوارث ببيع نفس العقار الذي سبق أن باعه مورثه  لمشتري آخر ، و حينئذ يقع تزاحم بين المشتري من المورث و المشتري من الوارث. 

إشكالية عدم استقرار الاجتهاد القضائي : تدخل المحكمة العليا

By On 12/03/2025

Image cour supreme

في سابقة ملفتة للانتباه  أصدرت الرئاسة الأولى  للمحكمة العليا   مؤخرا مذكرة  ذات أهمية متميزة من شأنها جعل حد أو على الأقل التقليل من الارتباك الملاحظ في الأحكام و القرارات الصادرة عن بعض الجهات القضائية السفلى التي كثيرا ما تبتعد عن تطبيق مبادئ الاجتهاد القضائي  رغم استقرارها و تكريسها من قبل المحكمة العليا ،بل أحيانا فإن حتى بعض قرارات  هذه الجهة القضائية العليا  نفسها  صدرت خرقا لما استقر عليه  اجتهادها القضائي.

الاجتهاد القضائي la jurisprudence هو مصطلح يعبر عن  دأب الجهات القضائية على تطبيق قاعدة قانونية  une règle de droitبشكل معين. لتعيين قاعدة قانونية على أنها اجتهادا قضائيا  يجب أن تتوفر في الحكم القضائي بعض شروط : التكرار في الزمن و تشابه الحلول التي يحيل إليها هذا الحكم . و مع ذلك و نظرا لفصل السلطات و  لمبدأ سلطة الشيء المقضي فيه  فإنه لا يجوز للقاضي أن ينشأ مباشرة القانون إذ أن هذه الوظيفة مخصصة للمشرع.

و لكن قد يقع أن يكون القانون صامتا ، مبهما أو ناقصا ، فيما أنه يجب على القاضي  الفصل في النزاع المطروح أمامه عن طريق قاعدة قانونية مستخرجة من تفسير أو تكييف  نص قانوني ، بل  في بعض الحالات قد تكون هذه القاعدة القانونية لا يحكمها أي نص قانوني صريح. القاضي ملزم  بالفصل في النزاع ، و إذا امتنع عن الفصل فإن ذلك سيعتبر امتناعا عن الحكم اعتبرته المحكمة عليا عيبا جوهريا و من النظام العام يترتب عليه البطلان. قضت المحكمة العليا أنه يعتبر كامتناع عن الحكم ، قرار المجلس القضائي الذي رفض الدعوى الأصلية على الحال ( القرار الصادر عن الغرفة المدنية القسم الأول بتاريخ 03 أبريل 2001 -   ملف رقم 246329 المنشور بالمجلة القضائية  لسنة 2002 عدد 1 صفحة 161 ؛ القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية بتاريخ 21 نوفمبر 2000 ملف رقم 251660 المنشوربالمجلة القضائية  لسنة 2001 عدد 1 صفحة 287) أو الذي يصرف الأطراف لما يروناه مناسبا (القرار الصادر عن الغرفة العقارية الرابعة بتاريخ 23 جوان 2004    ملف رقم 26299 المنشوربمجلة المحكمة العليا لسنة 2007 عدد 1 صفحة 401). أكثر من ذلك فإن القاضي الذي يمتنع عن الفصل في النزاع قد يتعرض لمتابعة جزائية  إذا  أصر على ذلك  رغم تنبيهه و هذا  طبقا لأحكام المادة 136 من  قانون العقوبات.

 

حق الولوج للوثائق الإدارية : بين القانون و الواقع

By On 16/01/2025

 Image doc 1

في كثير من الأحيان يواجه المواطن صعوبات في الحصول على الوثائق التي تحتفظ بها الإدارات وغيرها من الهيئات أو المؤسسات العمومية على الرغم من أن القانون يضمن حق  الولوج  إلى هذه الوثائق ويكرس مبدأ حق المواطن في الحصول على المعلومات الإدارية. يتم إعلام المواطنين بالتنظيمات والتدابير التي تصدرها الإدارة إما بالنشر في الجريدة الرسمية أو عن طريق الصحافة أو النشر في الأماكن العمومية، أو بتبليغ   الشخص المعني  عندما يتعلق الأمر بقرارات  فردية أو  كذلك بتبليغ أي معلومة أو مستند  في حوزة الإدارة يطلبها المواطن.

المرسوم رقم 88-131 المؤرخ في 4 جويلية 1988 المنظم  للعلاقات بين الإدارة و المواطن هو الذي أقر حق ولوج المواطن إلى الوثائق والمعلومات الإدارية.  كرس هذا المرسوم حقا عاما يطبق  على جميع الوثائق الإدارية ما لم ينص  قانون  خاص على استبعاد وثيقة معينة من هذا الحق .عرف  الأمر رقم 21-09  المؤرخ في  08/06/2021 المتعلق بحماية المعلومات و الوثائق الإدارية مفهومي " الوثيقة "  و " المعلومات " . تتمثل الوثيقة  في المراسلات و المحررات و المستندات التي أنشأتها أو حصلت عليها أي من السلطات المعنية  أثناء ممارسة  نشاطها . و أما المعلومات  فتتمثل  في أي حدث  أو خبر مهما كان مصدره  كوثيقة أو صورة أو شريط صوتي أو سمعي بصري أو محادثة  أو مكالمة هاتفية.     

رغم أن مبدأ الولوج الحر إلى الوثائق الإدارية قد تم إقراره في الجزائر على شكل مرسوم وليس على شكل نص تشريعي  و يشير إلى " الإدارة " دون تمييز  و هو الأمر الذي قد يقيد نطاق تطبيقه و يستثني  هيئات القانون الخاص  المكلفة بتسيير مرفق عام التي تحتفظ  هي كذلك بكمية كبيرة من الوثائق الإدارية، فإن ذلك لا ينزع لهذا المرسوم أهميته المتميزة علما أنه موقع  من طرق رئيس الجمهورية. الملاحظ أن المرسوم المؤرخ في 4 جويلية 1988 المنشور في الجريدة الرسمية في طبعتها العربية و الأصلية  يتكلم عن  العلاقات بين الإدارة و  " المواطن "  citoyen فيما أن الجريدة الرسمية  في طبعتها المترجمة إلى اللغة الفرنسية تتكلم عن علاقات الإدارية مع " المتعامل مع الإدارة " administré الذي يؤدي معنى العلاقة التبعية و الخضوع للإدارة . كون  النص المنشور بالجريدة الرسمية  في طبعتها العربية هو النص الرسمي الذي يجب تطبيقه فإنه يجب قراءة المرسوم المؤرخ في 4 جويلية 1988  قراءة  واسعة  فيجوز لأي مواطن الاحتجاج بنصوصه.

 

تعليق على أبرز قرارات المحكمة العليا المنشورة خلال سنة 2024

By On 13/11/2024

ٍImage cour supreme

صدر عن المحكمة العليا آخر المجلات التي اعتادت نشرها " مجلة المحكمة العليا "  تضمنت قرارات ملفتة للانتباه  فصلت في مسائل قانونية  و إجرائية ذات أهمية متميزة  و يتعلق الأمر بالعدد الثاني لسنة 2022 و العدد الأول لسنة 2023 ، و هتين المجلتين متوفرتين على الموقع الالكتروني للمحكمة العليا.

-  المسؤولية الطبية

في مجال المسؤولية الطبية الناتجة عن الخطأ قضت المحكمة العليا (قرار بتاريخ 17 أكتوبر 2022، ملف رقم 1483290) أن العيادة الطبية تتحمل المسؤولية  عن الأضرار المادية و الجمالية و أضرار التألم الناتجة عن عملية جراحية أجرتها لمريض مصاب بداء السكري  رغم علمها بوضعه الصحي الذي قد يشكل عائقا على نجاحها . في هذا الملف يتعلق الأمر  بعيادة طبية أجرت عملية  تركيب طاقم أسنان  على  شخص تسبب في تعفن الفك العلوي لفمه أدى إلى سقوط عدة أسنان مزروعة. الخبرة التي أمرت بها الجهة القضائية  عاينت أن  العيادة التي أجرت العملية كانت على دراية بمرض السكري الذي كان يعاني منه  المعني  و كان بإمكانها تفادي إجراء عملية  تركيب طاقم الأسنان  الذي كان سببا في  تعفن الفم.

الملفت للانتباه أن المحكمة العليا و بصفة عرضية حملت العيادة الطبية خطأ عدم إعلامها مسبقا المريض بالتداعيات الصحية المحتملة في حالة إجراء له عملية  تركيب طاقم الأسنان و هو الالتزام بالإعلام المنصوص عليه في المادة 23 من  القانون قم  18-11 المؤرخ في 02/07/2018 المتعلق بالصحة  التي تنص : " يجب إعلام كل شخص بشأن حالته الصحية  و العلاج الذي تتطلبه و الأخطار التي يتعرض لها " .

تبليغ و إرسال الوثائق و الإجراءات القضائية من طرف الجهات القضائية الإدارية عن طريق خدمة الرسائل القصيرة: إجراء غير قانوني ؟

By On 07/09/2024

Communication

على غرار الأنظمة القضائية الأكثر تقدما، أجاز المشرع الجزائري تبليغ و إرسال الوثائق والإجراءات القضائية بالطريق الالكتروني . فتطبيقا للمادة 9 من  القانون رقم  15-03 المؤرخ في 1 فيفري 2015 المتعلق بعصرنة العدالة : " فضلا عن الطرق المنصوص عليها  في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية  و قانون الإجراءات الجزائية  في هذا المجال ، يمكن أن يتم تبليغ و إرسال الوثائق و المحررات القضائية  و المستندات  بالطريق الالكتروني ". نفس القانون ( المادة 4 ) ينص : " يمكن أن تمهر  الوثائق و المحررات  القضائية التي تسلمها مصالح وزارة العدل  و المؤسسات التابعة  لها و الجهات القضائية بتوقيع الكتروني تكون صلته بالمحرر  الأصلي مضمونة  بواسطة وسيلة تحقق موثوقة ".

قواعد استرجاع العقارات و الحقوق العينية المنزوعة للمنفعة العمومية : تعليق على قرار لمجلس الدولة

By On 09/07/2024

Imagge retrocession 2

أصدر مجلس الدولة  قرارا مؤرخا في 23 ماي 2019 ملف رقم 141785  ( مجلة مجلس الدولة لسنة  2019 عدد 17  صفحة 162 ) عالج مسألة حق استرجاع العقارات  و الحقوق العينية العقارية التي نزعت ملكيتها من أجل المنفعة العمومية  .

هذا  القرار تطرق إلى أشكال و شروط قبول الطلب الرامي إلى استرجاع المالك الأصلي  أو ورثته للعقار أو للحق العيني العقاري الذي نزع منه للمنفعة العمومية وهذا في إطار أحكام المادتين 10 و 32 من القانون رقم 91-11 المؤرخ في  27 أبريل 1991  المحدد للقواعد المتعلقة بنزع الملكية  من أجل المنفعة العمومية و هذا نصهما :  

المادة 10 : " يبين القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية تحت طائلة البطلان ما يلي:

- أهداف نزع الملكية المزمع تنفيذه ،

- مساحة العقارات و موقعها و مواصفاتها،

- مشتملات الأشغال المزمع القيام بها،

- تقدير النفقات  التي تغطي عمليات نزع الملكية،

كما يجب أن يبين القرار الأجل الأقصى المحدد لإنجاز  نزع الملكية و لا يمكن أن يتجاوز هذا الأجل أربع (4) سنوات و يمكن تجديده مرة واحدة بنفس المدة إذا تعلق الأمر بعملية كبرى ذات منفعة وطنية ".

 المادة 32 : " إذا لم يتم الانطلاق الفعلي  في الأشغال المزمع إنجازها في الآجال المحددة في العقد أو بالقرارات التي ترخص بالعمليات المعينة  يمكن أن تسترجع  ملكية العقار بناء على طلب المنزوع منه أو أصحاب الحقوق ".

جديد قضاء مجلس الدولة ( الجزء 2)

By On 14/04/2024

Coseil d etat

3- المنازعات المتعلقة بالتعمير والبناء  

1-3- رخصة البناء – تجميد رخصة البناء

  في قرار مؤرخ في 20 أكتوبر 2016 ملف رقم 11140، قضى مجلس الدولة أن قرار رئيس المجلس الشعبي البلدي بتجميد رخصة البناء الممنوحة سابقا هو قرار مشوب  بمخالفة القانون وتجاوز السلطة. وقائع القضية التي عالجها قرار مجلس الدولة تتلخص في أن رئيس المجلس الشعبي البلدية لبلدية عين البيضاء أصدر قرارا مؤرخا في 17 جوان 2014 يتضمن تجميد رخصة بناء سبق أن منحها بموجب قرار مؤرخ في 09 أكتوبر 2010 . إثر دعوى قدمت أمام المحكمة الإدارية  لإلغاء  القرار المؤرخ في  17 جوان 2014 قضت هذه الجهة القضائية بإبطال هذا القرار  لتجاوز السلطة . بناء على استئناف رفعه رئيس المجلس الشعبي البلدي ، قضى مجلس الدولة  بتأييد حكم المحكمة الإدارية مع شرحه لبعض المبادئ المطبقة في مجال تسليم رخص البناء من طرف رؤساء البلديات. بالنسبة لمجلس الدولة، إذا كان القانون رقم 90-29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير  قد خول لرئيس البلدية  سلطة الضبط في مادة البناء و التعمير  فإن هذه السلطة محددة  بنصوص قانونية تتمثل  في قرارات منح الرخص و  الشهادة و كذا قرارات تجميد الفصل في منح رخصة البناء خلال مدة لا تتجاوز  السنة الواحدة  تطبيقا لأحكام المادة 45 من المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المؤرخ في 28 ماي 1991  و أما قرارات تجميد منح رخصة البناء  بعد منحها فهو غير منصوص عليه في القانون.

قراءة نقدية لأحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديدا( الجزء الثاني)

By On 02/03/2015

قراءة نقدية  لأحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد

( الــــجـــــزء  الثاني )

المادة 151  - سماع الشهود

تنص المادة 151 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية أنه : " يحدد القاضي في الحكم الٱمر بسماع الشهود،الوقائع التي يسمعون حولها،و يوم و ساعة الجلسة المحددة لذلك،مع مراعاة الظروف الخاصة بكل قضية. و يتضمن هذا الحكم دعوة الخصوم للحضور و إحضار شهودهم في اليوم و الساعة المحددين للجلسة ".

 المادة 151 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية تنص أن الوقائع و يوم و ساعة الجلسة تحدد بموجب " حكم " ، فهل يعني ذلك أن الأمر بسماع الشهود يجب أن يتم بموجب حكم كتابي و ليس بموجب أمر شفهي ؟ لا نعتقد ذلك لأن إجراء سماع الشهود باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق يخضع لمقتضيات المادة 75 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تجيز القاضي الأمر بها إما شفاهة و إما كتابة.هذا و أن النص باللغة الفرنسية استعمل كلمة décision  و ليس كلمة jugement  فالمصطلح الأول يشمل على حد سواء القرار المتخذ شفاهة أو كتابة.

 الملاحظة الثانية هي أن الصيغة التي حررت بها الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية تختلف عن الصيغة التي حررت بها نفس المادة المترجمة إلى اللغة الفرنسية. و الاختلاف في الصيغة بالشكل الذي ورد في النصين ينتج عنه اختلاف في المعنى. النص الأصلي للفقرة الأولى من المادة 151 حرر في جملة فريدة فيما أن النص الفرنسي ورد في جملتين تفصل بينهما نقطة الشيء الذي يغير جذريا معنى النص.فقد يفهم من النص الأصلي أن القاضي يحدد في الحكم الٱمر بسماع الشهود الوقائع التي سيسمعون الشهود حولها و يوم و ساعة الجلسة المحددة لذلك. النص الفرنسي يشير في الجملة الأولى أن الحكم يحدد الوقائع التي سيسمعون الشهود حولها ثم في جملة ثانية ينص أن يوم و ساعة الجلسة التي سيتم فيها سماع الشهود يحدد من طرف القاضي حسب ظروف كل قضية.

 النص الأصلي يوحي بأن الحكم الٱمر بسماع الشهود يتضمن في نفس الوقت الوقائع التي سيسمعون الشهود حولها و ساعة و يوم الجلسة المحددة لذلك.و لكن تطبيق هذا النص بهذه الصيغة سيخلق إشكالا لأنه قد  تقع الحالة التي لا يمكن للطرف الذي يطلب سماع الشهود الحصول على أسماء و عناوين الأشخاص الذين يريد استدعائهم للإدلاء بشهادتهم ، أو كذلك في الحالة التي يأمر فيها القاضي بسماع الشهود من تلقاء نفسه. هنا تظهر فائدة الصيغة الفرنسية لنص المادة 151.النص الفرنسي يمكن القاضي من تحديد  ساعة و تاريخ سماع الشهود و كذا دعوة الخصوم للحضور و إحضار شهودهم ، في مرحلة لاحقة للحكم المتضمن الوقائع التي سيسمعون الشهود حولها.

 

قراءة نقدية لأحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد ( الجزء الأول)

By On 05/02/2015

قراءة نقدية لأحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد

( الــــجـــــزء الأول )

شهد النظام القضائي الجزائري إصلاحين جوهريين : الأول كرس مبدأ ازدواجية القضاء ، و قد وقع هذا التغيير بموجب دستور 1996 الذي أنشأ مجلسا للدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية ، و أما الإصلاح الثاني فإنه وقع بموجب القانون رقم 08/09 المؤرخ في 25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

إذا كان التخلي عن مبدأ وحدة القضاء و الرجوع إلى مبدأ ازدواجية الجهات القضائية لم يؤثر على الإجراءات المدنية ، فإن القانون الجديد المتضمن الإجراءات المدنية و الإدارية أدخل تعديلات جوهرية و ذات أهمية بمكان على كل جوانب الإجراءات. و من ميزات القانون الجديد أنه نزع الغموض الذي كان سائدا في بعض الإجراءات التي كان يتضمنها قانون الإجراءات المدنية القديم. و حرص المشرع على تدقيق إجراءات التداعي انعكس على حجم النصوص الواردة في القانون الجديد التي بلغت 799 مادة إذا نزعنا المواد االمخصصة للإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الإدارية ، في حين أن قانون الإجراءات المدنية القديم لم يكن يتضمن سوى 479 مادة بما فيها المواد المخصصة للإجراءات أمام القضاء الإداري.

إلى جانب هذين الاصلاحين الهامين اللذان طرءا على النظام القضائي الجزائري ، فلقد صدرت قوانين أخرى لا تقل أهمية ، و نذكر منها القانون العضوي رقم 05-11 المؤرخ في 17/07/2005 المتعلق بالتنظيم القضائي ،و القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06/09/2004 المتضمن القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء، و القانون العضوي رقم 11-12 بتاريخ 26/07/2011 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا و تنظيمها و سيرها.

قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد الذي هو موضوع هذه الدراسة و إن كان حقا قد نزع اللبس و الغموض عن بعض الإجراءات فإنه لم يخلو هو كذلك من بعض النقائص و الثغرات قد يكون لها تأثيرا على حسن سير الخصومات القضائية .إن هذا الفراغ ليس له مبرر خاصة و أن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية صدر بعد تنصيب لجنة كلفت بإعداده مكونة من مختصين في القانون و كذا من قضاة سامين و بعد إثراء دام قرابة ثمانية سنوات. سنرى أن الإشكالات التي تثيرها بعض أحكام هذا القانون تستوجب تعديلات و تصحيحات في جوانب عدة.

دافع هذه الدراسة ليس فحص كل الأحكام ذات صلة بالإجراءات المدنية و لكن ستقتصر على معاينة الأخطاء و النقائص المتصلة بهذا القانون و صعوبات تطبيقه في أمل أن تعكف الجهات المختصة في معالجة هذه العيوب التي أظهرت الممارسة القضائية أثرها السلبي على حسن سير الخصومات القضائية.

سنتطرق للأحكام التي تثير إشكالات و صعوبات تطبيقية حسب ترتيب المواد في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ( ق.إ.م.إ.).

 

ﺁثار بطلان الإجراءات على الدعوى القضائية

By On 21/01/2015

 

ﺁثار بطلان الإجراءات على الدعوى القضائية

نظام البطلان في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد

 

       كثيرا ما  يخسر المتقاضي دعواه لأسباب شكلية و إذا كان بصفة عامة يجوز تصحيح الخطأ الشكلي المرتكب أثناء سير الخصومة ففي بعض الأحيان فإن هذا الخطأ قد يكلف المتقاضي ثمن باهض قد يصل إلى سقوط حقه نهائيا.فمثلا إذا رفع خاسر الدعوى استئناف أمام المجلس القضائي و أغفل الإشارة في عريضة استئنافه إلى بعض البيانات الجوهرية المقررة في المادة 540 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ( ق.إ.م.إ.) فإن استئنافه يكون غير مقبول شكلا الشيء الذي قد يترتب عليه حيازة الحكم المستأنف للطابع النهائي إذا افترضنا أن هذا الحكم قد سبق تبليغه و يكون أجل الاستئناف قد انقضى وقت صدور القرار القاضي بعدم القبول. 

        يتعلق الأمر هنا بمسألة بطلان الإجراءات في الدعاوى المطروحة أمام القاضي المدني و ﺁثارها على مصير هذه الدعاوى. 

       قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الصادر في سنة 2008 ميز بدقة شروط البطلان (الفقرة 1) وإجراءات الدفع بالبطلان (الفقرة2).

 

سلطة الشيء المقضي فيه في الجزائي على الجزائي

By On 27/12/2014

سلطة الشيء المقضي فيه في الجزائي على الجزائي

هل يجوز إدانة متهم ثانية لارتكابه أفعال سبق و أن أدين عليها بحكم سابق؟

المتهم الذي أدين لارتكابه فعل معاقب عليه جزائيا هل يجوز متابعته ثانية لارتكابه نفس الفعل ؟ هذه الفرضية تقع مثلا في حالة ما تعددت ضحايا نفس الفعل الجنائي و ارتكزت الإدانة على شكوى أحد هذه الضحايا ثم و بعد أن حكم على المتهم قامت ضحية أخرى تضررت من نفس الفعل بإيداع شكوى ضد نفس المتهم.الجواب يكون بالإيجاب في نظر قرار حديــث أصدرته المحكمة العـــليا بتاريخ 29/05/2014 تحــت رقم  561073 jpg .هل أن هذا القضاء للمحكمة العليا هو قضاء مطابق للقواعد التي تحكم هذه المسألة؟ يتعلق الأمر هنا بمبدأ سلطة أو حجية الشئ المقضي فيه و بالخصوص مبدأ سلطة الشئ المقضي فيه في الجزائي على الجزائي.

الأخطاء الطبية

By On 29/10/2014

الأخطاء الطبية : معالجتها قضائيا

تطرقت بعض وسائل الإعلام مؤخرا لإشكالية الأخطاء الطبية التي ترتكب في حق المرضى و كيفية معالجتها من الزاوية الادارية و القضائية. بعض المتدخلين في هذا النقاش لا سيما رجال القانون ركزوا في أغلبيتهم على ضعف أداء القضاة في إيجاد حل مرضي عند فصلهم في مثل هذه القضايا التي ترفع إليهم من طرف المتضررين من أخطاء طبية أثرت على صحة و سلامة المريض. البعض الأخر ركز على وجود فراغ قانوني في مجال التعويض عن الأخطاء الطبية و متابعة مرتكبيها فيما أن فريق ﺁخر ركز على الوقت الطويل التي تستغرقه الخصومات القضائية المتعلقة بهذا النوع من القضايا . فما هي حقيقة هذا النعي ؟

تعليق على قرار : ضمان التعرض

By On 29/10/2014

تعليق على قرار صادر عن مجلس قضاء البويرة:  ضمان التعرض 

عـــرض: تعليق على قرار صادر عن مجلس قضاء البويرة بتاريخ 18/10/2010 حول ضمان التعرض . المسألة التي طرحت على قضاة مجلس قضاء البويرة  تخص معرفة ما إذا كان الشخص الذي اشترى عقار بعقد غير مكتمل (عقد غير مشهر) أعاد البائع بيعه إلى مشترى ثان و قام هذا الأخير بشهر عقده محق في الرجوع مباشرة ضد البائع عن طريق دعوى ضمان أصلية  لطلب التعويض عن فقدان المبيع .

 

تعليق على قرار صادر عن المحكمة العليا : النقض بدون إحالة أمام المحكمة العليا

By On 29/10/2014

 

تعليق على قرار صادر عن المحكمة العليا : النقض بدون إحالة

عـــرض: تعليق على قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 13/06/2013 قضى بالنقض بدون إحالة.هذا القرار يثير مسألة تطبيق قواعد المادتين 365 و 374 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية اللتان تجيزان المحكمة العليا نقض القرار المطعون فيه بدون إحالة.

{}

You are visitor n° 1427175