القرار محل التعليق
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
باســم الشعــب الجزائــري
وزارة العدل
مجلس قضاء البويرة قــــــــرار
الغرفــــة المدنيــــــة
رقم القضية: 1404/10
رقم الفهرس: 01919/10
جلسة يوم: 18/10/10
إن مجلس قضاء البويرة بجلسته العلنية المنعقدة بقاعة الجلسات لقصر العدالة في الثامن عشر من شهر أكتوبر سنة ألفين وعشرة .
برئاسة السيد : خبيزي عيشوش رئيسا مقررا
وبعضوية السيد : بورنان عبد الرحمان مستشارا
وبعضوية السيد : غناي راضية مستشارا
وبمحضر السيد : لكفيف طاهر نائب عام
وبمساعدة السيد : أكساس عومارية أمين ضبط
صدر القرار الآتي بيانه في القضية المنشورة لديه تحت رقم 1404/10 :
بيــن:
ز. ر . ......................... مستأنف
المباشر للخصام بواسطة الأستاذ : براهيمي محمد محامي لدى المجلس.
من جهة
وبيــن:
ع . ف........................... مستأنف عليه
مبلغ ــ غائب
من جهة أخرى
بيـــــــان وقائـــــع الدعــــــوى
يستفاد من ملف الإجراءات ، انه بموجب عريضة افتتاحية ، مودعة أمانة ضبط المحكمة ، بتاريخ 25/01/2010 ، تحت رقم 232/2010 ، أقام المدعي ز.ر. بواسطة دفاعه ، دعوى مدنية ، أمام محكمة البويرة ، ضد المدعى عليه ع. ف. التمس من خلالها تعيين خبير مختص في العقارات ، للانتقال إلى القطعة الأرضية المشمولة بعقد البيع المؤرخ في 23/02/1995 المعد من طرف الموثق حركات اعمر والكائنة بالبويرة بالمكان المسمى ذراع البرج ، وتقييمها نقدا على أساس الأسعار المتداولة في سوق العقارات لمدينة البويرة ، وإبقاء المصاريف القضائية محفوظة ، وجاء في شرح أقواله ، أن المدعى عليه وعن طريق وكيله ع.ع. باع له القطعة الأرضية المنوه عنها أعلاه ، ذات مساحة 393,96م2 ، وأفرغ البيع في عقد توثيقي مسجل بالبويرة بتاريخ 06/03/1995 ، ولما قرر مؤخرا استغلالها ، ظهر أن شخصا أجنبيا شرع في انجاز بناية عليها ، حسب محضر المعاينة المحرر بتاريخ 11/01/2010 ، وبعد الاستفسار ، تبين له وأن المدعى عليه قد أعاد بيع القطعة الأرضية السالفة الذكر إلى شخص أخر ، ثم اتصل به ، ووجه له عدة اعذارات بغرض تعويضه من أجل ذلك ، دون جدوى ، مما اضطره إلى مرافعته بهذه الدعوى ، والحال أن عقد البيع الذي تم بعقد توثيقي مسجل ، قد رتب في ذمة البائع التزامات ، لاسيما منها ضمان عدم التعرض له في الانتفاع بالمنيع وفقا للمادة 371 من القانون المدني ، وعليه بما أن هذا الأخير قام ببيع نفس القطعة لشخص أخر ، وبموجب عقد مشهر ، ورغم أنه هو الأسبق في الشراء ، إلا أنه لا يمكنه منازعة المشتري الثاني في ملكيته لهذه القطعة ، كونه يحوز عقد بيع مشهر ، وهو الإجراء الذي لم يتمكن هو من إتمامه ، مما أضحى في هذه الحالة ، محقا في الرجوع بالضمان على المدعى عليه البائع ، طبقا للمادتين 371 ، 375 من القانون المدني ، وأن التعويض يشمل قيمة المبيع وقت الاستحقاق ، أي وقت نزع اليد الذي يصادف تاريخ رفع الدعوى ، إضافة إلى التعويض عما لحقه من ضرر وما فاته من كسب ، بسبب نزع اليد عن المبيع ، وأن تقييم تلك الأضرار ، يستلزم اللجوء إلى خبرة مختصة ، في حين أن المدعى عليه تغيب على مستوى المحكمة ، ولم يجب عن الدعوى .
وبتاريخ 01/04/2010 ، أصدرت المحكمة تحت رقم الفهرس 1391/2010 ، حكما علنيا ، حضوريا اعتباريا ، في أول درجة ، بقبول الدعوى شكلا في الموضوع رفضها لعدم التأسيس ، وتحميل المدعي ز.ر. المصاريف القضائية .
وبموجب عريضة مودعة أمانة ضبط المجلس ، بتاريخ 09/06/2010 ، تحت رقم الجدول 1404/2010 ، طعن المدعي المذكور ز.ر. بواسطة دفاعه ، عن طريق الاستئناف في ذلك الحكم ، ملتمسا من حيث الشكل قبول طعنه لوروده ضمن الأوضاع المقررة قانونا ، ومن حيث الموضوع إذ بعد التذكير بذات الوقائع التي تم سردها أنفا ، راح يدفع متمسكا بكون طلبه يرمي إلى التعويض عن رفض المستأنف عليه ( البائع) تنفيذ عقد البيع و تعيين خبير لتحديد ذلك التعويض ، ومن ثمة ، فان قاضي الدرجة الأولى لما رفض طلبه بحجة أن عقده غير مشهر ، وبالتالي غير ناقل للملكية طبقا للمادة 793 من القانون المدني ، وأن حق الرجوع في الضمان مقرر وفقا لها ، للمشتري الذي انتقلت إليه الملكية بعقد رسمي مشهر ، لم يميز بين الدعوى الرامية إلى تثبيت الملكية العقارية ، ودعوى الاستحقاق ، أو دعوى التعويض عن عدم تنفيذ البائع لالتزاماته بالقيام بكل ما هو لازم لنقل الملكية طبقا للمادتين 361 ، 375 من القانون المدني ، وكانت هي ذي موضوع دعواه ، والتي تعني الالتزامات الأساسية الملقاة قانونا على البائع ، وعليه ، كان يتعين على قاضي الدرجة الأولى البحث فقط فيما إذا كان البائع قد أخل بالتزاماته ، لاسيما الالتزام بما من شأنه ضمان حسن سير إجراءات تسجيل وإشهار عقد البيع ، وفي قضية الحال ، فالثابت من محضر المعاينة المعد بتاريخ 11/01/2010 أن القطعة الأرضية التي اشتراها ، أعيد بيعها لشخص أخر بموجب عقد بيع مشهر ، وأن المشتري الجديد شرع في البناء عليها ، وبالتالي ، فان عدم تسلمه للقطعة الأرضية راجع لفعل البائع ، الذي تعمد إعادة بيعها لشخص أخر ، مما يجعله مسئول بحكم المادتين 371 ، 375 من القانون المدني عما تسبب له فيه من أضرار ، لاسيما وانه قبض ثمن المبيع ، وبما أن المسألة تتعلق بحالة استحقاق كلي أو بنزع اليد الكلي ، باعتباره فقد كلية الانتفاع بالقطعة التي اشتراها ، فان حقه في التعويض يقوم على أساس العناصر المنصوص عليها بالمادة 375 من القانون المدني ، مما يستوجب اللجوء بشأنه إلى خبرة متخصصة ، وعليه يلتمس التصدي للحكم المستأنف الصادر عن محكمة البويرة (القسم المدني) بتاريخ 01/04/2010 رقم الجدول 0232/10 ورقم الفهرس 1391/10 بالإلغاء ، والقضاء من جديد ، وقبل الفصل في الموضوع ، بتعيين خبير مختص في العقارات ، لمعاينة القطعة الأرضية محل النزاع ، المشمولة بالعقد التوثيقي المحرر بتاريخ 23/02/1995 ، وتقييمها نقدا على أساس الأسعار المتداولة في سوق العقار لمدينة البويرة ، وإبقاء المصاريف القضائية محفوظة ، في حين أن المستأنف عليه تغيب على مستوى الاستئناف ، ولم يجب عن الدعوى ، رغم ثبوت استدعائه بصفة قانونية ، وعندئذ ارتأى المجلس تحديد جلسة 04/10/2010 ، كأجل ، لإيداع التقرير بأمانة ضبط الغرفة المدنية ، وهو الإجراء الذي تم فعلا ، وبذات التاريخ ، حسب محضر الإيداع المعد في هذا الصدد من طرف أمينة الضبط طبقا للمادة 546 ق.ا.م ثم أجلت القضية للمرافعة لجلسة 11/10/2010 وبها تغيب كلا الطرفين ومحامي المستأنف ، وبالتالي لم تبد أية ملاحظات حول التقرير بعد تلاوته من طرف العضو المقرر ، وبعد إقفال باب المرافعات ، وضعت في المداولة لجلسة 18/10/2010 أين تم الفصل فيها مع تعيين النطق بالقرار في ذات التاريخ ، علنية بالجلسة ، وبنفس التشكيلة التي حضرت المرافعة ، والمداولة وفقا للمواد 269 ، 548 ، 549 ، 550 ، 551 ، 554 ق.ا.م على النحو التالي :
وعليه فان المجلس
بعد الاطلاع على المواد 537 ،537 ،538، 539 ، 540، 541، 542 ق ا م
بعد الاطلاع على المواد 08، 10، 21، 546، 547، 548 ق ام
بعد الاطلاع على أحكام المادتين 373، 375 من القانون المدني.
بعد الاطلاع على عريضة الاستئناف ، والنسخة المطابقة لأصل الحكم المستأنف
بعد تحديد جلسة 04/10/2010 ، كأجل لإيداع التقرير بأمانة ضبط الغرفة المدنية
بعد تلاوته من طرف ، السيدة خبيزي عيشوش ، أثناء جلسة المرافعات التي حددت لأجل 11/10/2010 .
بعد إقفال باب المرافعات ، وضعت القضية في المداولة لجلسة 18/10/2010 ، مع تعيين النطق بالقرار علنية في ذات التاريخ ، وبنفس التشكيلة لتي حضرت المرافعة والمداولة ، وفقا للمواد 269 ، 548، 549 ، 550 ، 551 ، 554 ق ا م .
وحيث أن ز.ر. يطعن بواسطة دفاعه ، عن طريق الاستئناف ، في الحكم المدني الصادر عن محكمة البويرة بتاريخ 01/04/2010 تحت رقم الفهرس 1391/2010 ملتمسا إلغاءه والتصدي من جديد بتعيين خبير .
وحيث و حاول تبرير ذلك على أساس أحكام المادتين 371 ، 375 من القانون المدني ، وبحجة أنه لا يطالب بالملكية العقارية ، وإنما بالتعويض عن عدم تنفيذ البائع لالتزاماته طبقا للمادة 361 القانون المدني .
وحيث أن المستأنف عليه ع.ف. تغيب على مستوى الاستئناف ، ولم يجب عن الدعوى .
لكن حيث مادام الثابت من محضري التبليغ المؤشر عليهما من طرف المجلس تحت الرقمين (01) و (02) أنه تم تبليغه عن طريق التعليق .
فحيث يراه المجلس تبليغا صحيحا بمفهوم المادة 412 ق.ا.م ويقضي في غيبته عملا بالمادة 292 ق.ا.م .
فمن حيث الشكل:
حيث أن الاستئناف الحالي رفع بموجب عريضة ، جاءت مستوفية للشروط المنصوص عليها بالمواد 08 ، 10 ، 538 ، 539 ، 540 ، 541 ، 542 ق.ا.م .
وحيث و ذلك ، من حيث التداعي أساسا بالكتابة وباللغة العربية الرسمية ، وتمثيل المستأنف بمحام وتضمين العريضة جميع البيانات الضرورية ، وإيداعها مرفقة بنسخة مطابقة لأصل الحكم المستأنف ، وتبليغها للخصم .
وحيث لا يوجد بالملف ما يفيد تبليغ الحكم المنوه عنه أعلاه .
وحيث مما يجعل آجال الطعن فيه بالاستئناف ، لا تزال مفتوحة .
وحيث ومنه ، يصبح هذا الطعن المسجل بتاريخ 09/06/2010 واردا ضمن الميعاد المحدد بالمادتين 336 ، 405 ق.ا.م .
وحيث ويتعين بذلك ، التصريح بقبوله من هذه الناحية .
ومن حيث الموضوع
حيث إذن ، فان موضوع النزاع حسب الطلب الأصلي ، ينصب حول دعوى التعويض مقابل نزع اليد الكلي عن المبيع ، وفقدان الانتفاع بالقطعة محل الشراء .
وحيث وهي الدعوى التي التمسها المدعي - ابتداء - عن طريق المطالبة بتعيين خبير لمعاينة القطعة الأرضية محل النزاع ، وتقييمها نقدا ، على أساس السعر المتداول في السوق .
وحيث الثابت من خلال عقد البيع المحرر لدى مكتب التوثيق للأستاذ عمر حركات موثق بالبويرة بتاريخ 23/02/1995 تحت رقم 140/1995 وأن المستأنف الحالي ز.ر. اشترى من لدن المستأنف عليه ع.ف. قطعة أرض صالحة للبناء ذات مساحة 393,96م2 مقتطعة من مساحة أكبر ، تقع بالبويرة ، ذراع البرج .
وحيث ذلك ، مقابل ثمن إجمالي قدره 97000,00 دج سبعة وتسعون ألف دينار .
بحيث جاء في العقد المذكور- تحت بند الثمن - انه تم إيداعه ، بحساب المكتب بخزينة الولاية من طرف المشتري ، ليتسلمه البائع بعد الانتهاء من كل الإجراءات القانونية ، والتنظيمية اللازمة .
وحيث صحيح ، انه عند مراجعة مضمون عقد البيع المنوه عنه أعلاه ، لا توجد به ، أيه إشارة تفيد انه تم إشهاره .
وحيث وحتى أن المستأنف ذاته يدفع بعدم إشهاره .
لكن حيث من المبادئ المقررة قانونا ، أن عبء الإثبات يقع على المدعي .
وحيث ومن ثمة ، فان هذا الأخير لم يقدم ما يثبت أن المدعى عليه (المستأنف عليه) تصرف فعلا ببيع نفس القطعة الأرضية إلى شخص أخر .
وحيث أن هذا الادعاء ، بقي مجرد زعم ، غير مدعم بما يثبت صحته .
فحيث أن محضر المعاينة الذي اكتفى بالاستشهاد به ، والمعد بتاريخ 11/11/2010 لا يثبت سوى وقائع مادية بحتة ، تتمثل في معاينة بناية على وشك الانتهاء من انجازها .
وحيث مما لا يمكن بأية حال ، أن يرقى مرتبة دليل الإثبات المستوجب قانونا في مجال التصرفات التي ترد على العقار .
وحيث أضف إليه ، فان المستأنف بني دعواه ، على نصوص قانونية مختلفة .
فحيث أن نطاق تطبيق المادة 361 القانون المدني ، يتعلق بالالتزامات الملقاة على البائع ، التي تحكمها المواد 106 ، 107 ، 119 القانون المدني ، في حالة إخلاله بها .
وحيث بينما المادتين 371 ، 375 من القانون المدني ، فأنهما تعنيان الرجوع بالضمان على البائع ، في حالة نزع اليد كليا ، أو جزئيا .
وحيث أي بالأحرى ما يسمى قانونا ، بدعوى الاستحقاق .
وحيث وأن تطبيقها ، حسب مضمونها ، يقتضي أن تكون هناك دعوى قائمة من طـرف الغير ، ضد المشتري ، والتي يدعي فيها الأحقية على العقار .
وحيث مع وجوب إخبار البائع بدعوى الاستحقاق كما تقتضيه المواد 372 ، 373، 374 من القانون المدني ، حتى يتسنى الرجوع عليه بدعوى الضمان .
وحيث علاوة عليه ، فان الضمانات المنصوص عليها في المادتين 371 ، 375 القانون المدني المتذرع بهما ، مقررة لصالح المشتري الذي انتقلت إليه الملكية عن طريق استنفاذ إجراءات الشهر ، كما تقتضيه المادة 379 القانون المدني .
وحيث وفي غياب هذا الإجراء ، فانه لا يمكن الادعاء بصفة المالك ، أو التمسك بالضمانات التي يقررها القانون للمالك .
وحيث لذا يراها المجلس - بهذه الكيفية- دعوى غير مؤسسة قانونا ، كما انتهت إليه المحــكمة ، من واقع حكمها المستأنف .
وحيث مما يجعل هذا الاستئناف غير مبرر .
وحيث ويتعين رفضه ، وبالتبعية التصريح بتأييد الحكم المستأنف في جميع مقتضياته .
وحيث أن المصاريف القضائية تلقى على عاتق من خسر دعواه ، عملا بمقتضى المادة 419 ق.ا.م .
لهــــــــــــــــــذه الأسبــــــــــــاب
قرر المجلس علنيا ، غيابيا ، نهائيا .
في الشكل : قبول الاستئناف .
في الموضوع : تأييد الحكم المدني ، المستأنف فيه ، الصادر عن محكمة البويرة ، بتاريخ 01/04/2010 تحت رقم الفهرس 1391/2010 وتحميل المستأنف ز.ر. المصاريف القضائية .
___________________________
السيد ع. ف. باع للسيد ز. ر. قطعة أرضية مهيأة للبناء تقع بالبويرة ذات مساحة 393,96م2 وقد أفرغ هذا البيع في عقد توثيقي مؤرخ في 29/02/1995 مسجل لدى المحافظة العقارية بالبويرة بتاريخ 06/03/1995 ولكنه غير مشهر .
حينما قرر المشتري استغلال القطعة الأرضية التي اشتراها وبناء مسكن عليها فانه وجد في عين المكان شخصا أجنبيا شرع في انجاز بناية على نفس القطعة وعند الاستفسار أجابه هذا الشخص بأنه اشترى هذه القطعة من لدن نفس البائع السيد ع .ف. متذرعا بعقد بيع مسجل ومشهر .
المحضر القضائي الذي انتقل إلى عين المكان بطلب من المشتري عاين وجود فعلا بناية حديثة على وشك الانتهاء منها ذات طابق أرضي وثلاثة طوابق مقامة على نفس لقطعة الأرضية التي اشتراها ز.ر.
السيد ز. ر. وجه عدة إنذارات للبائع لمسائلته عن واقعة إعادة بيعه للقطعة الأرضية دون أن يتلقى جوابا .
السيد ز. ر. رفع دعوى ضمان المبيع ضد البائع السيد ع. ف. أمام محكمة البويرة التمس فيها الحكم على البائع بتعويضه طبقا لأحكام المادة 375 من القانون المدني و بتاريخ 01/04/2010 صدر حكم غيابي قضى برفض الدعوى لعدم التأسيس .
السيد ز.ر. رفع استئناف ضد الحكم المؤرخ في 01/04/2010 وبموجب قرار غيابي مؤرخ في18/10/2010 أيد مجلس قضاء البويرة الحكم المستأنف .
مجلس قضاء البويرة رفض الدعوى لعدم التأسيس لعدة أسباب و هي .
أولا: السيد ز.ر. المستأنف لم يقدم ما يثبت تصرف البائع في نفس القطعة لصالح شخص ثان وأن محضر إثبات الحالة المحتج به لا يثبت سوى وقائع مادية ولا يرقى إلى مرتبة الدليل عن التصرف الذي وقع على العقار محل البيع .
ثانيا: أن السيد ز. ر. المستأنف أسس دعواه على نصوص قانونية مختلفة إذ من جهة أشار إلى المادة 361 من القانون المدني التي تتعلق بالتزامات البائع ومن جهة أخرى أشار إلى المادتين 371 و 375 من نفس القانون المتعلقتين بالرجوع بالضمان على البائع في حالة نزع اليد الكلي أو الجزئي .
ثالثا: أن دعوى الرجوع بالضمان ضد البائع المنصوص عليها في المادتين 371 و 375 من القانون المدني تستوجبان أن تكون هناك دعوى قائمة من طرف الغير ضد المشتري وأنه كان يجب إخبار البائع بدعوى الاستحقاق حتى يتسنى الرجوع عليه بدعوى الضمان وهذا ما لم يقع في الدعوى حسب رأي المجلس .
رابعا: الضمانات المنصوص عليها في المادتين 371 و 375 من القانون المدني مقررتين لصالح المشتري الذي انتقلت إليه الملكية عن طريق استنفاذ إجراءات الشهر طبقا للمادة 379 من القانون المدني فيما أن المستأنف ز.ر. حسب رأي المجلس لم يكتمل هذا الشرط إذ استظهر عقد بيع غير مشهر .
المسألة القانونية الجوهرية التي يثيرها هذا القرار هي مسألة ضمان المشتري من التعرض في حيازته للمبيع وشروطه . سنتطرق إلى المبادئ التي تحكم ضمان التعرض ( I ) ثم سنعلق على القرار (II).
I ــ ضمان التعرض
تنص المادة 371 من القانون المدني على ما يلي:" يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله أو من فعل الغير يكون له وقت البيع حق على المبيع يعارض به المشتري. و يكون البائع مطالبا بالضمان و لو كان حق ذلك الغير قد ثبت بعد البيع و قد ﺁل إليه هذا الحق من البائع نفسه ". البائع إذا يكون ملزما بأن يضمن للمشتري الحيازة الهادئة للمبيع وحمايته ضد أي مساس بهذه الحيازة سواء كان صادرا منه أو صادرا من الغير و حمايته في حالة الإخلال بواجب نقل الملكية للمشتري.
و الالتزام المفروض على البائع مزدوج : لا يجوز للبائع التعرض شخصيا للمشتري في الانتفاع بالمبيع ؛ إنه ضمان التعرض الشخصي ( 1 ) . يجب كذلك على البائع أن يمنع الغير التعرض لملكية المشتري ( 2 ).
1 ــ ضمان التعرض الشخصي
يجب على البائع الامتناع عن أي فعل أو عمل يحول دون انتفاع المشتري بالمبيع كله أو بعضه (م.371 من القانون المدني) . وهذا الالتزام بضمان التعرض الشخصي من جوهر وطبيعة عقد البيع فلا يلزم لوجوده شرط خاص يدرج في العقد ، فالمشتري يستفيد بهذا الضمان بقوة القانون .
أ ــ موضوع ضمان التعرض الشخصي
يجب على البائع الامتناع عن أي عمل ينشأ منه تعرض لانتفاع المشتري بالمبيع كله أو بعضه سواء كان هذا التعرض ماديا أو قانونيا .
التعرض المادي يكون بأي فعل يعكر به البائع ملكية أو حيازة المشتري دون الاستناد إلى أي حق يدعيه على المبيع . ومثال ذلك البائع الذي يعتدي على حدود القطعة الأرضية التي باعها عند استغلاله لملكية تابعة له مجاورة للعقار محل البيع ، أو كذلك البائع الذي يضايق المشتري في استغلال المبيع دون وجه حق .
التعرض القانوني هو أن يستعمل البائع حق ادعاه على المبيع وكان ذلك يؤدي إلى نزع المبيع من يد المشتري . ومثال ذلك أن يتمسك البائع بملكيته لحق ارتفاق أو لحق انتفاع على المبيع .
ب ــ جزاء الالتزام بضمان التعرض الشخصي
جزاء هذا الالتزام هو الكف عن التعرض لانتفاع المشتري بالمبيع والتعويض عن الأضرار التي سببها هذا التعرض وقد يظهر في أشكال متنوعة .
إذا تعلق الأمر بتعرض قانوني فإن المشتري يستفيد بالدفع بتدخل البائع الضامن . وإذا تعلق الأمر بتعرض مادي فان ذلك يفتح طريق التعويضات مع طلب منع البائع بمباشرة بعض الأعمال. وإذا كان يمنع على البائع المساس بملكية وحيازة المشتري للمبيع فإن البائع يكون كذلك ملزما بمنع التعرض الصادر عن الغير .
في الدعوى التي عالجها القرار موضوع هذا التعليق فإن الأمر يتعلق بضمان التعرض الشخصي المتمثل في قيام البائع المستأنف عليه ببيع العقار مرة ثانية لمشتري ثان الذي بادر إلى إشهار عقد البيع قبل المشتري الأول (المستأنف) فانتقلت الملكية للثاني دون الأول .
حتى وإن كان هنا التعرض صادر كذلك من جانب المشتري الثاني وهو تصرف صادر من الغير فإنه في نفس الوقت يعتبر تعرضا شخصيا صادرا من البائع نفسه لأن المشتري الثاني في تعرضه استمد حقه من البائع . وسنرى لاحقا أنه في هذه الحالة يجوز للمشتري الأول رفع دعوى ضمان مباشرة ضد البائع .
2 ــ ضمان التعرض الصادر عن الغير
البائع ملزم كذلك بضمان التعرض للمشتري إذا كان التعرض من فعل الغير وهذا الضمان مقرر بقوة القانون .
أ ــ موضوع ضمان التعرض الصادر عن الغير
التعرض الحاصل من الغير الذي يسأل عنه البائع هو التعرض القانوني وأما إذا تعلق الأمر بتعرض مادي صادر عن الغير فإن البائع غير ملزم بالتدخل ، ففي هذه الحالة على المشتري أن يدفع ويواجه الغير في ذلك باستعمال الطرق القانونية المقررة لحماية الحيازة أو الملكية لاسيما رفع دعوى قضائية أمام الجهة المختصة .
إذا وقع تعرض قانوني من الغير فإن البائع وضمن بعض الشروط يكون ملزما بالضمان. مثلا قد يدعي الغير بملكية المبيع أو يدعي بحق الارتفاق. يمكن هنا للمشتري طلب الضمان من البائع وهذا الأخير يكون ملزما بالدفاع عن المشتري برد مزاعم الغير .
ب ـ شروط ضمان التعرض عن الغير
لا يضمن البائع التعرض الصادر عن الغير إلا ضمن شروط .
* يجب أن يكون التعرض حالا لا احتماليا أي واقعا فعلا من الغير. وما دام الغير لم يتعرض للمشتري في حيازة المبيع فليس لهذا الأخير أن يلجأ إلى ضمان البائع . في مفهومه الضيق فإن التعرض ينتج عن دعوى قضائية ونزع اليد هو التخلي أو ضياع المبيع تبعا لحكم يقضي على المشتري برفع اليد عن المبيع . يجب إذا مبدئيا أن يكون الغير قد رفع دعوى قضائية ضد المشتري ومن هذا التاريخ يقع التعرض ويصبح البائع ملزما بضمان المشتري .
ولكن توجد حالات ينزع فيها المبيع من يد المشتري دون صدور حكم قضائي ضده. إنها الحالات التي يعتبر فيها المشتري أن حق الغير في المبيع ثابت ثبوتا مطلقا كحصول المشتري للعقار بعقد غير مشهر على معلومات تثبت أن نفس العقار قد بيع لشخص ثان بعقد مشهر أو ثبت أنه اشترى عقار ملك للغير .
وهذه هي حالة القطعة الأرضية التي عالجها القرار محل التعليق .
المستأنف ز.ر. وحينما قرر استغلال القطعة الأرضية التي باعها له المستأنف عليه ع. ف. وجد بناية شيدت عليها من طرف شخص أجنبي حائز لعقد بيع تم شهره . لا داعي في هذه الحالة اللجوء إلى القضاء بدعوى ضد المشتري الثاني مادام حق هذا الأخير على العقار ثابت بعقد مشهر فدعوى الضمان التي رفعت ضد البائع مباشرة وبصفة أصلية تكون مقبولة خلافا لما قضى به قرار المجلس .
* سبب نزع اليد يجب أن يكون من عمل البائع أو حق موجود وقت البيع .
قد ينتج نزع اليد عن أعمال لاحقة ولكن بصفة عامة فإن سبب نزع اليد يجب أن يكون سابقا للبيع ليكون ثمة مجالا للضمان. لا يساءل البائع عن فقدان المشتري للبيع الذي يكون سببه لاحق للبيع والذي أصبح فيه المشتري مالكا للمبيع مع كل ما يترتب عن ذلك . فمثلا إذا نزع العقار من يد المشتري من أجل المنفعة العامة شهرين بعد البيع وقبض هذا الأخير تعويضا يقل عن ثمن البيع فإن المشتري يتحمل هذه الخسارة دون إمكانية الرجوع ضد البائع عن طريق دعوى الضمان .
ولكن في بعض الأحيان فإن البائع يضمن أعمال لاحقة صادرة من الغير ومثال ذلك الحالة التي فصل فيها القرار محل التعليق . فإذا قام البائع ببيع نفس العقار إلى شخصين واستطاع المشتري الثاني إشهار عقده قبل المشتري الأول فإن المشتري الثاني هو الذي يصبح المالك الشرعي للعقار ففي هذه الحالة فإن المشتري الأول يكون قد فقد المبيع بسبب لاحق للبيع وبفعل البائع .
* يجب أن يكون الشراء بحسن النية .
إذا ثبت أن المشتري كان يعلم وقت البيع سبب نزع اليد وتعمد إبرام عقد البيع أو أنه اشترى تحت مسؤوليته فإن البائع يكون غير ملزما بالضمان (م.378 من القانون المدني) .
ج - مباشرة دعوى ضمان التعرض الصادر عن الغير
يجب التميز بين الحالة التي يكون فيها المشتري مهددا بنزع اليد عن المبيع والحالة التي يكون فيها نزع اليد عن المبيع قد وقع فعلا.
*التهديد بنزع اليد
إذا زعم الغير حقا عينيا على المبيع ورفع دعوى قضائية ضد المشتري (دعوى استحقاق المبيع - م. 372 من القانون المدني ) فإنه يمكن للمشتري المدعى عليه أن يدافع في الدعوى بمفرده دون مساعدة من البائع . إذا خسر المشتري الدعوى وأجبر على رفع اليد عن المبيع يمكنه حينئذ الرجوع ضد البائع لمطالبته باسترداد ثمن المبيع مع تعويض عن طريق دعوى ضمان أصلية . ولكن هذه الدعوى الأصلية قد تشكل خطرا على المشتري لأنه بإمكان البائع الاحتجاج بنص المادة 372 من القانون المدني لطلب رفض دعوى المشتري .
* وقوع نزع اليد
إذا وقع نزع اليد عن المبيع في حالة صدور حكم قضائي يقضي على المشتري ترك المبيع أو كذلك حينما يعترف المشتري بحق الغير الثابت فإنه يمكن للمشتري مباشرة حقه في الضمان عن طريق دعوى أصلية .
في الدعوى التي صدر فيها القرار موضوع التعليق فإن المشتري لجأ إلى رفع دعوى ضمان أصلية ضد البائع بعد أن ثبت له بأن المبيع قد انتقلت ملكيته للمشتري الثاني بعقد تم شهره .
II - التعليق على القرار
بالنظر إلى القواعد التي تحكم ضمان التعرض وشروط مباشرة دعوى الضمان ضد البائع فإنه لا شك أن أسباب القرار محل التعليق لا تتماشى مع هذه القواعد بل تناقضها .
المستأنف ( المشتري)عرض على قضاة الموضوع وقائع دقيقة و واضحة مفادها أن القطعة الأرضية التي باعها له المستأنف عليه ( البائع ) بعقد غير مكتمل (غير مشهر) قد نزعت من يده كليا من طرف مشتري ثان وهذا الأخير ادعى حقه لنفس القطعة عن الطريق الشراء من نفس البائع وبموجب عقد بيع مشهر .
القرار محل التعليق أعاب على المستأنف كونه أسس دعواه على نصوص ثانوية مختلفة مأخوذة من المادة 361 من القانون المدني المتعلقة بالالتزامات الملقاة على البائع والمادتين 371 و 375 من نفس القانون المتصلتين بالرجوع بالضمان على البائع .
في الواقع لا يوجد أي تناقض بين أحكام المادة 361 و أحكام المادتين 371 و 375 إذ وردت كلها في الباب المتعلق بالتزامات البائع. وإذا كانت المادة 361 تقر قاعدة عامة وهي التزام البائع بنقل الحق المبيع للمشتري وأن يمتنع عن كل عمل من شأنه أن يجعل نفس الحق عسيرا أو مستحيلا ، فإن المادتين 371 و 375 تتطرقان إلى الضمان المقرر لفائدة المشتري في حالة إخلال البائع بالالتزامات الواردة في المادة 361 .
حتى في افتراض أن المستأنف لم يعطي للوقائع تكيفها القانوني الصحيح واخطأ في المواد القانونية المطبقة فإن ذلك لا يؤثر على صحة الدعوى باعتبار أن للقاضي كل السلطات لإعطاء الوقائع تكييفها القانوني الصحيح و هذا عملا بالمادة 29 التي تنص أن القاضي يكيف الوقائع و التصرفات محل النزاع التكييف القانوني الصحيح دون التقيد بتكييف الخصوم .
القرار محل التعليق اعتبر دعوى المستأنف ( المشتري) كدعوى استحقاق ومن ثمة استوجب وجود دعوى قائمة من طرف الغير ضد المشتري التي يدعي فيها الأحقية على العقار مع إخبار البائع بهذه الدعوى ، ولكون دعوى المستأنف خالية من كل هذا فإن هذه الدعوى تكون حسب رأي المجلس غير مؤسسة .
التكييف القانوني الذي أعطاه المجلس لوقائع الدعوى هو تكييف لا يتماشى مع هذه الوقائع إذ أن الأمر لا يتعلق بدعوى استحقاق ولكن بدعوى ضمان التعرض الصادر في نفس الوقت عن فعل البائع و عن فعل الغير . دعوى الاستحقاق التي وردت في المادة 375 من القانون المدني هي الدعوى التي ترفع على المشتري من طرف الغير الذي يدعي حقا عينيا على المبيع . في مثل هذه الدعاوي فإن الغير يقاضي المشتري بغرض استرداد المبيع منه وأما في دعوى القرار محل التعليق فإن الأمر غير ذلك إذ أن المشتري هو الذي وجد نفسه مجردا من العقار من طرف شخص أجنبي .
كان بإمكان المشتري فعلا أن يرفع دعوى ضد المشتري الثاني لاسترداد المبيع مع إدخال البائع في الخصومة كضامن ولكن وكما سبق شرحه فإن هذا الطريق لن يعطي نتيجة لأن المشتري الثاني يحوز عقد بيع مشهر خلافا للمستأنف الذي لم يشهر عقده . ولذلك فإن مقاضاة البائع مباشرة وبمفرده عن طريق دعوى الضمان الأصلية يكون مقبولا ومطابق للقانون، كما يكون المستأنف عليه البائع ملزما بتعويض المشتري عن فقدانه للمبيع ويكون في هذه الحالة طلب التعويض مؤسس إلا إذا وجد البائع في الحالة المنصوص عليها في المادة 372/3 من القانون المدني .
المستأنف عليه تغيب أثناء دعوى الاستئناف رغم صحة تبليغه كما تغيب في الدرجة الأولى ولذلك فإن هذا الأخير لم تكن له فرصة التمسك بأحكام المادة 372/3 من القانون المدني التي تعفي البائع من الضمان لعدم إخباره بواقعة نزع اليد هذا حتى في افتراض أن الدعوى هي دعوى استحقاق .
يستنتج مما سبق أن الدعوى التي رفعها المستأنف المشتري هي دعوى ضمان أصلية موجهة ضد البائع بعد نزع اليد عن المبيع كليا وهذا النزع ناتج في نفس الوقت عن فعل البائع نفسه (إعادة بيعه للمبيع إلى مشتري ثان) وعن فعل الغير (حيازة المشتري الثاني للمبيع بعد شهره لعقد البيع). هذه الدعوى تحكمها المادتين 371 و 375 من القانون المدني فهي ليست دعوى استحقاق المنصوص عليها في المادة 372 من القانون المدني التي تستوجب إخبار البائع بها وإدخاله في الخصومة كضامن.
القرار محل التعليق رفض دعوى المستأنف المشتري لسبب أخر وهو أن دعوى الضمان في مجال بيع العقارات هي مقررة فقط لصالح المشتري الذي انتقلت له الملكية عن طريق استنفاذ إجراءات الشهر. القرار أشار خطأ إلى أن إلزامية الشهر في بيع العقارات تحكمه المادة 379 من القانون المدني فيما أن الصحيح هي المادة 793 . المجلس في هذه النقطة نهج منطق قاضي الدرجة الأولى .
قضاة الاستئناف هنا لم يميزوا بين دعوى الملكية العقارية التي يتوقف قبولها على حيازة سند ملكية مشهر ودعوى الحال التي هي دعوى ضمان الموجهة ضد البائع في حالة نزع اليد عن العقار محل البيع . دعوى الضمان المنصوص عليها في المادة من371 القانون المدني وعندما يتعلق الأمر ببيع عقار هي الدعوى التي ترفع ضد البائع الذي لم يوفي بالتزاماته لاسيما بالالتزامات المتصلة بنقل حق المبيع إلى المشتري باستعمال كل الإجراءات القانونية لنقل هذا الحق كتسجيل وشهر عقد البيع وكذا امتناعه عن كل عمل بشأنه أن يجعل نقل الحق عسيرا أو مستحيلا (م. 361 من القانون المدني) .
دعوى الضمان التي عالجها القرار محل التعليق لا تتوقف طبعا على استظهار المستأنف المشتري الذي فقد العقار لعقد بيع مشهر إذ يكفي لهذا الأخير أن يثبت بأن بيع العقار قد تم فعلا وهذا ما وقع كون البيع تم بعقد توثيقي مسجل . الدعوى التي رفعها المستأنف المشتري هي كما سبق شرحه دعوى ضمان ناتجة في نفس الوقت عن تعرض شخصي وتعرض من الغير وهذا التعرض يتمثل في قيام البائع ببيع العقار مرة ثانية ثم بادر المشتري الثاني إلى شهر عقده قبل المشتري الأول فانتقلت الملكية إليه دون الأول فانتزع العــقار من هذا الأخير .
مطالبة المشتري الأول في هذه الحالة باستظهار عقد بيع مشهر لقبول دعواه ضد البائع هو في الواقع حرمان المشتري من حقه في التعويض يؤدي إلى حماية البائع المحتال من أي مساءلة علما أنه طبقا للمادة 378 من القانون المدني فإن البائع يبقى مسئولا عن كل نزع يد ينشأ عن فعله و لو وقع الاتفاق على عدم الضمان و يقع باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك.
المجلس أخيرا رفض دعوى المستأنف المشتري بسبب أن هذا الأخير لم يقدم ما يثبت أن البائع تصرف فعلا ببيع نفس القطعة لشخص أخر . هذا التسبيب هو قابل للنقاش من عدة زوايا . المستأنف عليه البائع تغيب رغم صحة تكليفه بالحضور سواء أمام المحكمة أو أمام المجلس القضائي . حتى وإن كان غياب المدعى عليه لا يلزم المحكمة بالاستجابة تلقائيا إلى مزاعم وطلبات المدعي فإن هذا الغياب يمكن أخذه كقرينة بصحة ادعاءات المدعي إذا تضمن ملف الدعوى عناصر مدعمة لهذه الادعاءات .
المستأنف المشتري استظهر محضرا أعده محضر قضائي عاين فيه وجود بناية على وشك الانتهاء على نفس القطعة الأرضية التي اشتراها من المستأنف البائع مع تحديد حدودها ومساحتها وموقعها . المجلس استبعد هذا المحضر بسبب أن هذا المحضر " لا يثبت سوى وقائع مادية بحتة تتمثل في معاينة بناية على وشك الانتهاء من انجازها ولا يرقى إلى مرتبة دليل الإثبات المستوجبة قانونا في مجال التصرفات على العقارات " .
المجلس اعتبر أن مسألة إثبات حيازة واستغلال العقار من طرف المشتري الثاني هي من المسائل القانونية مادام أنه فرض تقديم الدليل في الشكل المطلوب في مجال التصرفات على العقار . هذا النعي قد يصح لو حضر البائع في الخصومة وأنكر واقعة بيعه نفس العقار لمشتري ثان ، ولكن غيابه المتكرر يمنح لمحضر المعاينة الذي قدمه المستأنف المشتري على الأقل قرينة قيام الواقعة المدعى بها . وحتى لا نكون أمام قرار قضائي مضر بحقوق المشتري فكان بإمكان المجلس إسناد الخبير الذي التمس المستأنف تعيينه لتحديد التعويض عن فقدان المبيع مهمة إضافية تتمثل في إجراء مطابقة بين العقار المشمول بعقد المشتري المستأنف والقطعة التي شرع المشتري الثاني في البناء عليها وذلك في إطار الصلاحيات القانونية التي يتمتع بها المجلس .
الاستاذ براهيمي محمد
محامي لدى المجل
026838165
brahimimohamed54@gmail.com
www.brahimi-avocat.e- monsite.com